تعليق الطلاق على المشيئة
هل يقع الطلاق إذا قلت لزوجتي بالنص : (بإذن الله يوم زواج ابن عمك هو يوم طلاقك) وكان زواج ابن عمها - أي الزوجة- بعد خمسة أيام من هذا اليمين ؟
الجواب
الحمد لله.
تعليق الطلاق على وقت زواج ابن عم الزوجة ، هو من التعليق المحض ، كالتعليق على
نهاية الشهر أو طلوع الشمس أو نحو ذلك ، فيقع الطلاق عند وقوع الشرط ، ولا يجري فيه
الخلاف المعروف بين العلماء في الطلاق المعلق الذي قد يكون له حكم اليمين ، فإن ذلك
في التعليق الذي يراد به الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب .
ولكن يبقى النظر في قولك : (بإذن الله) فإن أردت تعليق الأمر على المشيئة ، ففي
وقوع الطلاق خلاف ، وإن أردت التأكيد أو التبرك أو اعتيادا لقولك (بإذن الله) ولا
تريد تعليق الطلاق على المشيئة ، وقع الطلاق .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن قال : أنت طالق إن شاء الله تعالى . طلقت . نص
عليه أحمد , في رواية جماعة , وقال : ليس هو من الأيمان . وبهذا قال سعيد بن المسيب
, والحسن ومكحول , وقتادة , والزهري , ومالك , والليث , والأوزاعي , وأبو عبيد .
وعن أحمد ما يدل على أن الطلاق لا يقع . وهو قول طاوس , والحَكَم , وأبي حنيفة ,
والشافعي لأنه علقه على مشيئة لم يعلم وجودها , فلم يقع , كما لو علقه على مشيئة
زيد " انتهى من "المغني" (7/357).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والقول الثالث وسط ، فإن أراد بقوله : إن شاء
الله ، أي إن شاء الله أن تطلقي بهذا القول فإن الطلاق يقع ؛ لأننا نعلم أن الله
تعالى يشاء الشيء إذا وجد سببه وإن أراد بقوله : إن شاء الله ، أي في طلاق مستقبل ،
فإنه لا يقع حتى يوقعه مرة ثانية في المستقبل ، وهذا هو الصواب .
فإن قال : أردت التبرك وما أردت التعليق ، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم في
الحديث : ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) يعني بأهل المقابر ، ونحن لاحقون بهم
قطعا ، فقيل : المراد التبرك ، فإذا قال : أردت التبرك ، يقع " انتهى من
"الشرح الممتع" (13/155) .
وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله : " وهذا الخلاف إذا كان قوله : إن شاء
الله ، بقصد التعليق بخلاف ما لو قال : إن شاء الله ، تبركاً بذكر الله عز وجل ؛
لأن اسم الله مبارك فيقول : إن شاء الله أفعل ، إن شاء الله أقول ، ولا يقصد
التعليق ، ولا ينوي في قلبه التعليق ، وكذلك مسبوق اللسان ، مثل من عادته أن يقول :
إن شاء الله ، فلما قال : أنت طالق ، قال : إن شاء الله ، فجرى بها لسانه دون أن
يكون قاصداً للتعليق بقلبه ، وكذلك إذا قصد التحقيق ، فيقول لها : أنت طالق إن شاء
الله ، تحقيقاً وإثباتاً للأمر ، في هذه الصور كلها يقع الطلاق وجهاً واحداً عند
العلماء " انتهى من "شرح زاد المستقنع" .
وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى ، ولا يستعمل الطلاق إلا في موضعه .
والله أعلم .