ما حكم السترة، وهل مرور الكلب والمرأة والحمار، يقطع الصلاة؟ وما موقفنا من كلام عائشة رضوان الله عليها عندما قالت: (أجعلتمونا كالكلاب والحمير) ؟
الحمد لله.
"السترة سنة مؤكدة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ، وليدن منها) رواه أبو داود بإسناد جيد ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره إذا سافر تنقل معه العَنَزة [خشبة قصيرة] وكان يصلي إليها عليه الصلاة والسلام، فهي سنة مؤكدة وليست واجبة ؛ لأنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في بعض الأحيان إلى غير سترة.
وأما ما يقطع الصلاة فهو الحمار والكلب الأسود والمرأة البالغة، لقوله عليه الصلاة والسلام: (يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل؛ المرأة والحمار والكلب الأسود) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه، ورواه مسلم أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بدون ذكر الأسود، والقاعدة أن المطلق يحمل على المقيد، وفي حديث ابن عباس : (المرأة الحائض) ، أي البالغة، والصواب ما دل عليه الحديث : أن هذه الثلاث تقطع [الصلاة] .
وأما قول عائشة رضي الله عنها فهو من رأيها واجتهادها، قالت: (بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب) ، وذكرت أنها كانت تعترض له بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، وهذا ليس بمرور؛ لأن الاعتراض لا يسمى مرورا ، وقد خفيت عليها رضي الله عنها السنة في ذلك ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ، فلو صلى إنسان إلى إنسان قدامه جالس أو مضطجع لم يضره ذلك ، وإنما الذي يقطع هو المرور بين يدي المصلي من جانب إلى جانب ، إذا كان المار واحدا من الثلاثة المذكورة بين يديه أو بينه وبين السترة ، وإذا كانت المرأة صغيرة لم تبلغ أو الكلب ليس بأسود، أو مر شيء أخر كالبعير والشاة ونحوها فهذه كلها لا تقطع، لكن يشرع للمصلي ألا يدع شيئا يمر بين يديه ، وإن كان لا يقطع الصلاة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنه شيطان) متفق على صحته" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (24/21، 22) .