طلقها زوجها بعد الزفاف ولم تزل عذراء فهل عليها عدة ؟
كتب عقدي على شخص مدة سنة وبعدها تم حفل الزفاف وبقيت عنده مدة أسبوعين ، ولكنني لم أزل عذراء ، وطلقني ، علمت أنه ليس لي عدة ، ولي الآن خمس سنوات تقريباً ، ولكن سمعت أنه لا بد لي من عدة وأنا لم أتزوج إلى الآن بعد أفيدوني عن التباس أمري .
الجواب
الحمد لله.
أولا:
لا خلاف بين أهل العلم في أن عدة الطلاق تثبت بالوطء ؛ لقوله تعالى : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ
طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ
عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ) الأحزاب/49
، إذ المسيس هاهنا كناية عن الوطء بإجماع الفقهاء .
ولا خلاف بينهم في أن المطلقة قبل الدخول والخلوة لا عدة عليها ، للآية السابقة .
قال أبو بكر ابن العربي رحمه الله في "أحكام القرآن" : " هذه الآية نص في أنه لا
عدة على مطلقة قبل الدخول ، وهو إجماع الأمة لهذه الآية ، وإذا دخل بها فعليها
العدة إجماعا ؛ لقوله تعالى ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) ،
وقوله تعالى : ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ) "
انتهى
.
واختلفوا فيما إذا خلا بها ، ثم طلقها ، فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية
والحنابلة إلى أنه يلزمها العدة ؛ لأن الخلوة أقيمت مقام الدخول .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/80) : " ولا خلاف بين أهل العلم في وجوبها
على المطلقة بعد المسيس , فأما إن خلا بها ولم يصبها , ثم طلقها , فإن مذهب أحمد
وجوب العدة عليها ، وروي ذلك عن الخلفاء الراشدين وزيد , وابن عمر ، وبه قال عروة ,
وعلي بن الحسين , وعطاء , والزهري , والثوري , والأوزاعي , وإسحاق , وأصحاب الرأي ,
والشافعي في قديم قوليه .
ويدل على ذلك : إجماع الصحابة , روى الإمام أحمد والأثرم بإسنادهما عن زرارة بن
أوفى , قال : ( قضى الخلفاء الراشدون أن من أرخى سترا , أو أغلق بابا , فقد وجب
المهر , ووجبت العدة ) ، ورواه الأثرم أيضا عن الأحنف , عن عمر وعلي , وعن سعيد بن
المسيب , عن عمر وزيد بن ثابت ، وهذه قضايا اشتهرت , فلم تنكر , فصارت إجماعا .
وضعف أحمد ما روي في خلاف ذلك " انتهى بتصرف
واختصار .
وفي "الموسوعة الفقهية" (19/273) : " ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه تجب
العدة على المطلقة بالخلوة الصحيحة في النكاح الصحيح ....
ووجوب العدة عند المالكية بالخلوة الصحيحة حتى ولو نفى الزوجان الوطء فيها ؛ لأن
العدة حق الله تعالى فلا تسقط باتفاقهما على نفي الوطء "
انتهى باختصار .
وعليه ؛ فبقاؤك عند زوجك مدة أسبوعين ، يعني تحقق الخلوة الموجبة للعدة عند الجمهور
، وقد أخطأت في عدم الاعتداد ، ولا يلزمك شيء الآن ؛ لفوات وقت العدة .
قال الشيخ ابن عثيمين في "اللقاء الشهري" (77/21) : " لكن إذا تركت العدة أو تركت
الإحداد جهلاً منها فلا شيء عليها ، والعدة تنتهي بانتهاء وقتها "
انتهى .
والله أعلم .