أخفى على والده رسوبه فترتب عليه تكاليف زائدة فهل هي في ذمته لوالده ؟
أنا شاب أبلغ من العمر 34 عاماً ، متزوج ، ولدي من فضل الله طفلان ، وأعمل بوظيفة محترمة ، ولكن دخلي لا يكفي للإنفاق على أسرتي ، وأعتمد بصفة مستمرة على مساعدات أبي المالية لي ، وهو لا يتأخر في ذلك - ولله الحمد - .
مشكلتي التي تؤرقني يرجع تاريخها إلى سبع عشرة سنة مضت عندما كنت طالباً في أحد المعاهد الخاصة بمصروفات في إحدى المدن الجديدة بمصر ، وقد رسبت في إحدى سنوات الدراسة بهذا المعهد ، ولكني أيامها لم أصارح أهلي بهذه الواقعة ، وأخفيت عليهم خبر رسوبي ؛ جبناً ، وخوفاً من أبي ، وخدعتهم بقولي لهم إن المعهد هو الذي قرر أن يضيف سنة دراسية من أجل معادلة الشهادة الدراسية بالشهادة التي يتم الحصول عليها من الكلية المناظرة للمعهد بالجامعات المصرية ، قلت ذلك لأبي ، وتظاهر أيامها بأنه اقتنع ، ولكني أحسست أنه غير مصدق ، والسنة الإضافية تكلفت مصاريف سنة كاملة تقدر ببضع آلاف من الجنيهات ، واعتبرت نفسي أيامها وحتى الآن بأني أنا الذي أهدرت هذه الأموال ، برسوبي ، وإهمالي في الدراسة .
تخرجت بعد ذلك - ولله الحمد - ، وعملت بوظيفتي الحالية مباشرةً ، وتزوجت ، وأنجبت ، وكل ذلك وأبي لا يبخل عليَّ بأي شيء ، وكل شيء بدءاً من الشبكة ، مروراً بالشقة ، وتجهيزاتها ، وأيضاً كمالياتها ، وسيارة ، وفوق ذلك مساعدات مالية شهرية - ولله الحمد - ، وكل ذلك عن طيب خاطر منه ، وكان ينصحني دائماً قبل الزواج بأن أنظم نفسي ، وحياتي ، وأتعلم الادخار ، وكان يعنفني في بعض الأحيان ، ورغم ذلك لا يبخل علي بأي شيء ، أما بعد الزواج والإنجاب : أصبح يغدق عليّ ، وعلى أسرتي الصغيرة بالأموال ، من غير أن أطلب ، وفوق ذلك قام بالحج ، واصطحبني معه ، على نفقته أيضاً - ولله الحمد والمنة - .
هل أنا ملزم الآن برد الأموال التي أهدرتها خلال السنة الإضافية التي أمضيتها بالمعهد بسبب إهمالي ؟ والأهم من ذلك : كيف أصارح أبي بهذا الموضوع القديم ؟ وأنا من داخلي أتمنى أن أرد الأموال لأبي رغم إحساسي بأنه سيرفض ذلك ، ولكن المشكلة - كما ذكرت - هي مصارحته .
الجواب
الحمد لله.
الذي نراه في قضيتك : أنك تتوب من كذبك على أبيك ؛ فالكذب محرَّم ، ومن كبائر
الذنوب ، ونرى أنه لا يلزمك رد أموال تلك الدراسة له ، وذلك لأسباب :
1. أنك لو أخبرته بأنك رسبت في تلك السنة : فإن أغلب الظن أنه كان
سيكمل معك مشوار الدراسة ، وسيدفع لك رسوم السنة المعادة .
2. ظاهر الأمر أنك لم تتعمد الرسوب والتخلف لسنة دراسية أخرى .
3. قد يكون والدك يعلم بحقيقة الأمر – كما ذكرت في سؤالك - ، وترك مصارحتك
خشية من إحراجك ، ولعله اكتفى برجوعك لدراستك عن مواجهتك ، أو لعله رأى صدق التوجه
عندك في أن تستدرك ما فات ، فلم يعتب ، ولم يُنكر عليك .
4. أنه لم يقصِّر معك فيما هو أعظم من رسوم تلك السنة ، فقد دفع تكاليف الزواج ،
والشقة ، واشترى لك سيارة ، ومثل هذا الأب لا يرى أنه له ديْنٌ عليك في تلك الدراسة
.
وعليه : فنرى أنك لا تصارحه بما حصل منك من زيادة عبء سنة دراسية كاملة بسبب
رسوبك ؛ لما فيه من إحراج لك ، وعدم ترتب أي مصلحة على مصارحتك له الآن ، بل قد
يجلب ذلك له الحزن والألم وإن كان لم يعلم بالأمر من قبل .
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يجب ويرضى .
والله أعلم .