مطلوب للأمن بسبب ديون عليه فهل يعذر بترك جماعة المسجد؟
ابتليت بديون أثقلت كاهلي بشدة ( إلى الله المشتكى ) ، وأحد الذين يطلبوني رهنت بيتي عنده ، وأنا متخلف عن السداد لأني خسرت تجارتي ، وهو الآن اشتكاني ، وكتب على بيتي " للبيع " ، وهددني عن طريق الحقوق ، وصار اسمي الآن من المطلوبين جنائيّاً ( عسى الله أن يفرجها ) ، وهو - الرجل - يقف أمام منزلي ، ومعه أمر بإلقاء القبض عليَّ .
وأنا الآن انحرمت من الصلاة في الجماعة بسبب خوفي من السجن ( والله إني أخرج لصلاة الجمعة وكأني لص ، أخرج باكراً ، ولا أعود إلا متأخراً خوفاً من أن يقبض عليّ ........) ، والله إني أخاف على والدتي أن تصاب بجلطة لو قبض عليَّ ، فهل عليَّ إثم بعدم صلاتي في الجماعة لهذا السبب ؟ علما بأني أصلي بزوجتي ، أو أحد أخواتي ، أو والدتي - أحياناً - ، فهل تغني عن الجماعة ؟ .
أرجوك الدعاء لي ، ونصحي بما ورد من الدعاء لفك الكرب عسى الله أن يفرجها وييسر لي أموري ، فأنا بأشد الحاجة لفرَج رب العزة والجلال .
الجواب
الحمد لله.
أولاً:
نسأل الله أن يفرج كربك ، وأن ييسر أمرك ، وأن يسدَّ عنك ديْنك ، ونوصيك بمزيد من
الدعاء والتضرع لرب العالمين ، فهو القادر سبحانه وتعالى على تفريج الكربات . ومما
نوصيك به من أدعية :
1. عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ : إِنِّي
قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي ، قَالَ : أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ
عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ
عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ [اسم جبل] دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ، قَالَ :
قُلْ : ( اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ
عَمَّنْ سِوَاكَ ) رواه الترمذي ( 3563 )
وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
2. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ ، يَقُولُ : ( لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )
رواه البخاري ( 5985 ) ومسلم ( 2730 ) .
3. عَنْ سَعْد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي
بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ
الظَّالِمِينَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ
إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ) رواه
الترمذي ( 3505 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي "
.
4. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ : ( يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ
بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ) رواه الترمذي ( 3524 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح
الترمذي " .
5. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا
حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ
نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ
بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ
خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ
الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي
وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ
وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا ) قَالَ : فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا
نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ : ( بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ
يَتَعَلَّمَهَا ) رواه أحمد ( 3704 ) وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة "
( 199 ) .
ثانياً:
بخصوص عدم صلاتك في المسجد جماعةً بسبب خوفك من أن يُقبض عليك : فاعلم أن هذا من
الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعة في المسجد .
قال النووي رحمه الله في بيان أعذار التخلف عن الجماعة :
"أو يخاف من غريمٍ له يحبسه ، أو يلازمه ، وهو معسر ، فيُعذر بذلك ، ولا عبرة
بالخوف ممن يطالبه بحق هو ظالم في منعه ، بل عليه توفية الحق ، والحضور"
انتهى
.
" المجموع شرح المهذب " ( 4 / 205 ) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
"والخوف ثلاثة أنواع : خوف على النفس ، وخوف على المال ، وخوف على الأهل ، فالأول :
أن يخاف على نفسه سلطاناً يأخذه ، أو عدواً ، أو لصّاً ، أو سبُعاً ، أو دابَّةً ،
أو سيلاً ، أو نحو ذلك بما يؤذيه في نفسه ، وفي معنى ذلك : أن يخاف غريماً له
يلازمه ولا شيء معه يوفيه ؛ فإنَّ حبْسه بديْنٍ هو معسر به ظلمٌ له ، فإن كان
قادراً على أداء الدَّيْن : لم يكن عذراً له"
انتهى .
" المغني " ( 1 / 692 ) .
وإذا كان الأمر كذلك : فيجوز لك أن تصلي جماعة في البيت مع أهلك .
وقد ذكرت أن لك بيتاً مرهونا عند أحد الدائنين ، فعليك المبادرة ببيع هذا البيت
وسداد ما عليك من الديون ، ولا يجوز لك المماطلة أو تأخير بيعه من غير سبب ، وإلى
أن يتم ذلك فلك أن تصلي في بيتك .
والله أعلم