أنا كنت أعانى من الوسوسة في ألفاظ الطلاق وكناياته ، ولكن بعد سؤالي لأهل العلم بدأت حالتي تتحسن كثيرا بحمد الله وفضله
وبدأت تتردد علي وساوس أخرى ، وذلك ما يخص الدين نفسه ، فمثلا كنت أحدث نفسي بحديث أن الوسوسة سوف تفسد علي ديني وحياتي، وقلت في نفسي ما معناه أن الوسوسة سوف تفقدني لذة العبادة ، ولذة قراءة القرآن ، فإذا بهاجس يأتيني لأستبدل كلمة القرآن بكلمة أخرى وهى إنجيل ، وأنا والله أتألم لكتابة هذه الكلمة ، الآن وسؤالي هو : أنا لا أستطيع أن أجزم هل تلفظت بهذه الكلمة أم لا ؟ فما الحكم الشرعي في ذلك وما مدى تأثير ذلك على عصمة الزوجية ؟
الحمد لله.
ما قلته في نفسك من أن الوسوسة سوف تفقدك لذة العبادة ولذة قراءة القرآن أو لذة
الإنجيل – على فرض أنك قلت ذلك - ، لا يضرك ، ولا يترتب عليه شيء ، فإن حديث النفس
معفوٌّ عنه ، بل لا يضرك لو تلفظت به ؛ لأن ألفاظ الموسوس تصدر عنه دون قصد .
ومهما فكرت أو خطر ببالك من الأمور العظيمة التي قد يصعب على المرء حكايتها ، فلا
يضرك ذلك ، ولك الأجر على كراهتها والنفور منها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس
الكفر التي يضيق بها صدره . كما قالت الصحابة : يا رسول الله ، إن أحدنا ليجد في
نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به . فقال : (ذاك صريح
الإيمان) وفي رواية : (ما يتعاظم أن يتكلم به . قال : الحمد لله الذي رد كيده إلى
الوسوسة) أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح
الإيمان ؛ كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه ؛ فهذا أعظم الجهاد و " الصريح
" الخالص كاللبن الصريح. وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ،
ودفعوها ، فخلص الإيمان فصار صريحا .
ولا بد لعامة الخلق من هذه الوساوس ؛ فمن الناس من يجيبها فيصير كافرا أو منافقا ؛
ومنهم من قد غمر قلبه الشهوات والذنوب فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين ، فإما أن
يصير مؤمنا ، وإما أن يصير منافقا ؛ ولهذا يعرض للناس من الوساوس في الصلاة ما لا
يعرض لهم إذا لم يصلوا ، لأن الشيطان يكثر تعرضه للعبد إذا أراد الإنابة إلى ربه
والتقرب إليه والاتصال به ؛ فلهذا يعرض للمصلين ما لا يعرض لغيرهم ، ويعرض لخاصة
أهل العلم والدين أكثر مما يعرض للعامة ، ولهذا يوجد عند طلاب العلم والعبادة من
الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم ، لأنه لم يسلك شرع الله ومنهاجه ؛ بل هو مقبل
على هواه في غفلة عن ذكر ربه ، وهذا مطلوب الشيطان ، بخلاف المتوجهين إلى ربهم
بالعلم والعبادة ، إنه عدوهم يطلب صدهم عن الله " انتهى من "مجموع الفتاوى"
(7/283).
فلا تحزن ولا تيأس ، وأعرض عن الوسوسة
، وأكثر من الذكر والطاعة ، وأبشر بالفرج القريب بإذن الله .
وانظر جواب السؤال رقم (39684
) ورقم (62839) .
نسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية .
والله أعلم .