الحمد لله.
أولاً : الطلاق كما يقع باللفظ يقع بالكتابة ، فمن كتب طلاق زوجته بعبارة صريحة واضحة ، وكان ناوياً الطلاق ، فقد وقع طلاقه .
لأن البيان بالكتابة بمنزلة البيان باللسان ، فالقلم أحد اللسانين .
وشَرْطُ ذلك عند جمهور الفقهاء : أن يكون ناوياً للطلاق عند الكتابة ؛ لأنه قد يَقصد بالكتابة إيقاع الطلاق ، وقد يَقصد بها غير ذلك ، كإدخال الحزن على امرأته ، فلا يقع الطلاق بالكتابة من غير نية .
وينظر: "المبسوط" ( 6/ 143) ، "منح الجليل شرح مختصر خليل" (4 /91) ، "أسنى المطالب" (3/277) ، "الإنصاف" (8/ 473) .
انياً:
من لم يتلفظ بالطلاق، ولم يكتبه بيده، ولكن عُرض عليه ورقة مكتوب فيها طلاق زوجته، وطُلب منه التوقيع عليها ففعل ذلك، فإنه يُرجع في ذلك إلى نيته وقت التوقيع.
فإن كان عازما على الطلاق ناويا له، وقع الطلاق، وإن كتب ذلك ولم يكن ناوياً للطلاق ، لم يقع الطلاق.
وذلك لأن التوقيع ليس بصريح في الطلاق ، وما لم يكن صريحا فلا يحكم فيه بوقوع الطلاق إلا بالنية.
ومن أهل العلم من يرى أن التوقيع وحده لا يقع به الطلاق مطلقاً.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله جواباً عن مسألة قريبة من هذه : " فقد جرى الاطلاع على استفتائك الموجه إلينا ، وفهمنا ما تضمنه من أن رجلاً حصل بينه وبين زوجته ما أغضبه عليها فأشار عليه خاله أن يطلقها ، وأخذ الخال ورقة وكتب بيده فلانة طالق بالثلاث يعني زوجة ابن أخته ، وأعطى الورقة لابن أخته ليمضيها ، فأمضاها من غير أن يتلفظ بشيء ، وتسأل هل يقع الطلاق بإمضائه ؟
والجواب : الحمد لله ، لا شك أن هذا الإمضاء ليس من صيغ الطلاق مطلقاً ، فضلاً عن القول بصراحته ، كما أنه ليس من كنايات الطلاق في شيء ، وليس من قبيل الكتابة ، إذ الزوج لم يكتب طلاق زوجته حتى يؤخذ بالكتابة ، وغاية ما في الأمر أنه كتب اسمه تحت كتابة وإنشاء غيره ، فإذا لم يتلفظ بشيء مما كتب في الورقة المذكورة وإنما كتب اسمه فقط في ذيلها فلا يظهر لنا وقوع الطلاق منه بإمضائه هذه الورقة ، وبالله التوفيق" انتهى .
"فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ" (11/ 44) .
واختار الشيخ ابن جبرين رحمه الله أن التوقيع على الطلاق في المحكمة يقع به الطلاق ، وقد نقلنا فتواه في جواب السؤال (9593) .
وحيث إن هذه الورقة لم تكن نموذجاً معتمداً من المحكمة ، ولم ينو بتوقيعه الطلاق ؛ فإن الطلاق لم يقع على الزوجة .
والله أعلم .