الحمد لله.
السنة أن تستمر صلاة الكسوف حتى ينكشف ، وينجلي الأمر ، ويعود كما كان .
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِي )
رواه البخاري (1060)، وهو عند مسلم (رقم/911) بلفظ ( حتى ينكشف )، وفي لفظ آخر من رواية أبي مسعود الأنصاري ( حتى يكشف ما بكم )، وأما لفظ ( حتى ينجلي ) فرواه الإمام مسلم (رقم/904) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
فإذا انصرف الإمام من الصلاة ظانا أن الكسوف قد انتهى ، وهو لم ينته بعد ، فقد نص الفقهاء على أنه لا يستحب إعادة صلاة الكسوف حينئذ ؛ أي : إذا انصرف الناس منها والشمس ما زالت كاسفة ، لما في ذلك من زيادة تحتاج دليلا خاصا ، ولا دليل على مشروعية تكرار صلاة الكسوف .
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
" إن صلى صلاة الكسوف فأكملها ، ثم انصرف والشمس كاسفة ، يزيد كسوفها أو لا يزيد : لم يُعِد الصلاةَ ، وخطب الناس ؛ لأنا لا نحفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف إلا ركعتين " انتهى.
" الأم " (1/279)
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" إن فرغ من الصلاة والكسوف قائم : لم يَزِدْ , واشتغل بالذكر والدعاء ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد على ركعتين " انتهى.
" المغني " (2/145)
وقال الإمام النووي رحمه الله :
" لو سلم من صلاة الكسوف - والكسوف باق - فهل له استفتاح صلاة الكسوف مرة أخرى ؟ فيه وجهان ، خرجهما الأصحاب على جواز زيادة الركوع ، والصحيح المنع من الزيادة والنقص ، ومن استفتاح الصلاة ثانيا . والله أعلم " انتهى.
" المجموع " (5/54)
جاء في " الشرح الكبير " من كتب المالكية (1/404) :
" ( ولا تكرر ) الصلاة إن أتموها قبل الانجلاء والزوال ، أي يمنع فيما يظهر " انتهى.
ويستحب للناس أن ينشغلوا بالدعاء والذكر حتى يكتمل انجلاء الكسوف ، لما في الذكر والدعاء من تحقيق معنى صلاة الكسوف ، وهو إظهار التذلل والتضرع لله عز وجل في هذا الموقف العظيم . وفي بعض روايات الحديث : ( .. فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَكَبِّرُوا وَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا ) رواه مسلم (901) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" المشهور عند أهل العلم أن صلاة الكسوف لا تكرر، ولكن ينبغي للإمام أن يلاحظ مدة الكسوف فيجعل الصلاة مناسبة ، فإن كانت قصيرة قصّر الصلاة ، ويعلم هذا بما نسمع عنه الآن مما يقرر قبل حدوث الكسوف ؛ بأن الكسوف سيبدأ في الدقيقة كذا من الساعة كذا إلى الدقيقة كذا في الساعة كذا ، فينبغي للإمام أن يلاحظ ذلك .
وإذا فرغت الصلاة قبل انجلاء الكسوف فليتشاغلوا بالدعاء والذكر حتى ينجلي " انتهى.
" مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " ( 16 / 322 ) .
ويقول أيضا رحمه الله :
" لا تكرر صلاة الكسوف إذا انتهت قبل الانجلاء ، وإنما يصلي نوافل كالنوافل المعتادة ، أو يدعو ويستغفر ويشتغل بالذكر حتى ينجلي " انتهى.
" مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " ( 16 / 324 ) .
والله أعلم .