الحمد لله.
هذه الصورة التي ذكرت حيلة ربوية محرمة ، وتسمى عند أهل العلم بالحيلة الثلاثية أو المثلثة ، وقد نبه عليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره . قال : " أو يواطئا ثالثا على أن يبيع أحدَهما عرَضا ، ثم يبيعه المبتاع لمعامِله المرابي ، ثم يبيعه المرابي لصاحبه ، وهي الحيلة المثلثة " انتهى من مجموع الفتاوى (29/28).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وكذلك انتشرت حيلة سابقة ، يأتي الفقير إلى شخص فيقول : أنا أحتاج ألف ريال ، فيذهب التاجر إلى صاحب دكان عنده أكياس أرز أو أي شيء ، فيشتري التاجر الأكياس من صاحب الدكان مثلا بألف ريال ، ثم يبيعها على المحتاج بألف ومائتين ، ونحن نعلم أنه لا يجوز أن يباع قبل قبضه ، فكيفية القبض عندهم أن يمسح على الأكياس بيده ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم ، فهل هذا قبض؟! هذا يسمى عدّا لا يسمى قبضا ، لكن كانوا يفعلون هذا . بعد ذلك يأتي الفقير إلى صاحب الدكان الذي عنده هذه الأكياس ، ويبيعها عليه بأقل مما اشتراها منه التاجر ، لأن الفقير يريد الدراهم ولا يريد أكياس طعام ، فمثلا يبيعها على صاحب الدكان بألف إلا مائة ريال ، فيؤكل المسكين الفقير من الجانبين ، من جانب التاجر الأول ومن صاحب الدكان ، فصاحب الدكان أخذ منه مائة ريال ، والتاجر أخذ مائتين زائدا على الألف ، وهذه سماها شيخ الإسلام رحمه الله المسألة الثلاثية ، لأنها مكونة من ثلاثة أشخاص ، ومسائل الربا لا تحل بالحيل .
واعلم أنه كلما احتال الإنسان على محرم لم يزدد إلا خبثا ، فالمحرم خبيث ، فإذا احتلت عليه صار أخبث ؛ لأنك جمعت بين حقيقة المحرم وبين خداع الرب عز وجل ، والله سبحانه لا تخفى عليه خافية ، وإنما الأعمال بالنيات " انتهى من "الشرح الممتع" (8/211).
فهذه المعاملة فيها مخالفتان :
الأولى : بيع الطرف الثاني (صاحب الحساب) السلعة في مكانها دون قبضها وحوزها إليه .
والثانية : إعادة بيع السلعة على المعرض والتواطؤ على ذلك بحيث تبدو المعاملة كأنها بيع ، وحقيقتها القرض الربوي المحرم ، والسلعة في مكانها . فكأن الزبون اقترض (1000) ليسدده (1800) وقد استفاد المعرض والطرف الثاني من هذه العملية المحرمة .
وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يجوز العمل في هذا المجال المحرم ، ويلزمك نصح صاحب المعرض وبيان تحريم هذه المعاملة ، ولا يجوز لك أن تتولى كتابة مثل هذه المعاملة ، أو متابعة حساباتها ؛ ولك أن تعمل في المعرض في مجال آخر مباح ، إن كان ذلك ممكنا .
والله أعلم .