الحمد لله.
أولاً :
نعتب على أهل تلك الزوجة ، لسكوتهم على الظلم الذي كان يقع على ابنتهم ، وعدم وضع الأمور في نصابها ، ولعله السبب الذي جعل الزوج يتسلط على ابنتهم .
ولقبولهم بل ولإرغامهم ابنتهم أن تعيش في الحرام وتعود لزوجها الذي طلقها مراراً كما جاء في السؤال .
ثانياً :
أما بخصوص الزوجة وعلاقتها مع زوجها : فهذا يحتاج إلى استفصال من أصحاب العلاقة مباشرة ، فلابد من ذهابها لأحد أهل العلم تشرح له ما جرى بينها وبين زوجيها بالتفصيل ، غير أننا نذكر هنا بعض الأحكام التي قد تنطبق عليها بحسب فهمنا لحالها :
1. ذلك الزوج الأول الذي تقول إنه طلقها مراراً : هي أدرى بعدد الطلقات ، فإن كان طلقها مرتين : فهو طلاق يملك فيه الرجعة ، وأما إن طلقها الثالثة – فما فوق - : فهو طلاق بائن يجعلها أجنبية محرَّمة عليه ، لا تحل له إلا أن تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً ، ويكون نكاح رغبة ، لا نكاح تحليل .
2. زواجها الثاني ورد في السؤال أنه كان " بسرية تامَّة عن الأهل " ، فإن كان المقصود به أهله : فلا إشكال ، وإن كان المقصود به أهلها : فالنكاح باطل ، ولا تحل به لزوجها الأول ـ إن كان الأول طلقها ثلاثاً ـ لأنه نكاح بلا ولي .
3. وإن كان أهلها على علم بالزواج الثاني ، وقد وافق وليها عليه : فهو نكاح صحيح ، إلا إذا كان هذا الأخ الأصغر قد تزوجها ليحلها لزوجها الأول ، فهو نكاح تحليل ، باطل ، ولا تحل به لزوجها الأول .
4. طلاق الثاني لها إن كان بإكراه من أخيه فلا يقع ، ومعنى الإكراه أنه هدده بالقتل أو الضرب الشديد ونحو ذلك إن لم يطلق .
قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله :
"اختلف العلماء في طلاق المكره ، فذهب مالك ، والشافعي ، وأصحابهما ، وأحمد ، وداود : إلى أن طلاق المكرَه لا يلزم ، ولا يقع ، ولا يصح ، والحجة لهم : قول الله عز وجل : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمن ) النحل/ 106 ، فنفى الكفر باللسان إذا كان القلب مطمئناً بالإيمان ، فكذلك الطلاق إذا لم يرده بقلبه ، ولم ينوه ، ولم يقصده : لم يلزمه .
وروي عن عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وابن عباس في طلاق المكره : أنه لا يلزم ، كما قال ابن عمر ، وابن الزبير" انتهى باختصار .
" الاستذكار " ( 6 / 201 ، 202 ) .
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم ( 99645 ) أن طلاق المكره لا يقع ، فلينظر .
فإن كان الأمر كذلك فهي لا تزال زوجة للأخ الأصغر ، وزواج الأكبر منها بعقد جديد زواج باطل ، لأنه تزوج امرأة متزوجة بغيره .
5. وإن كان الطلاق قد وقع من غير إكراه ، بل بمجرد إلحاح وإحراج ، أو كان يمكن للأخ أن يمتنع من طلاقها من غير ضرر يصيبه فالطلاق واقع .
6. رجوعها إلى زوجها الأول بعقد جديد نرى أنه غير صحيح ، لأن العقد تم بلا ولي ، والولي لا يكون إلا من العصبة ، كالأب والأخ والعم ، أما الخال فلا ولاية له .
قال ابن قدامة رحمه الله :
ولا ولاية لغير العصبات من الأقارب , كالأخ من الأم , والخال , وعم الأم , والجد أبي الأم ونحوهم .
نصَّ عليه أحمد في مواضع وهو قول الشافعي , وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة .
" المغني " ( 7 / 13 ) .
وينظر تفصيل الكلام في الولي في النكاح في جواب السؤال رقم : ( 2127 ) .
ثم إن كانت رجعت إلى الأول بدون رضاها ، فهذا سبب آخر لعدم صحة هذا النكاح .
وإذا كان زوجها الأول قد طلقها من قبل ثلاثاً ، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً ، ونكاحها لأخيه الأصغر إن كان قد تم بلا ولي فهو نكاح غير صحيح ، فلا تحل لزوجها الأول .
7. لا يجوز الكذب عند عقد النكاح ، بأن توصف المرأة بأنها بكر ، وهي ثيب ، ولكن هذا لا يؤثر على صحة عقد النكاح إذا كان الزوج يعلم حقيقة الأمر .
هذا ما يمكننا قوله في تلك القضية ، ونظراً لكثرة التفصيلات والاحتمالات ، فلابد من عرض القضية على رجل من أهل العلم بالتفصيل ليحكم فيها .
والله أعلم