الحمد لله.
إذا كان السوق داخل البلد فلا يشترط أن يكون مع المرأة محرم ، لأنه ليس سفراً ، ولكن لابد من إذن الزوج .
والأفضل للمرأة المسلمة أن تقلل خروجها من البيت بقدر الإمكان ، وإذا كان السوق مختلطاً – كما هو الغالب – ولا يسلم من وجود بعض المنحرفين ، الذين قد يتعرضون للنساء أو يؤذونهن ، فينبغي ألا تخرج إليه إلا مع محرم .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" أرى أن الواجب على الإنسان أن يكون لديه غيرة على محارمه من زوجات أو بنات أو أخوات بل أو أمهات ، وأن يحرص غاية الحرص على ألا تذهب المرأة وحدها ، لا سيما إذا كانت شابة وذهبت إلى سوق يكتظ بالرجال ، فإن ذلك خطر عليها وعلى غيرها ، المرأة فتنة تفتتن هي ويفتتن بها ، فعليه في هذه الحال أن يكون مصاحباً لها " انتهى .
"اللقاء الشهري" (48/20) .
وقال الشيخ أيضا :
" لا شك أنه يوجد من الفتيات من لها شغف في أن تنزل إلى الأسواق ولو لأدنى حاجة ، ولو لحاجة ممكن أن يقضيها أصغر إخوانها ، ومع ذلك تريد أن تنزل بنفسها ، ولا شك – أيضاً - أنه يوجد من السفهاء في الأسواق أو في المتجرات من يكون سبباً لافتتان النساء به ، فتجد المرأة تنزل من أجل أن تذهب إلى هذا المتجر أو إلى هذا السوق فيحصل الشر .
ولكن ما هو الخلاص من ذلك ؟
الخلاص :
أولاً : أن تنمى في مدارك هؤلاء الفتيات العقيدة السليمة ، بأن الله سبحانه وتعالى حافظ ومطلع يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
ثانياً : أن تنمى فيهن محبة العفة ، والبعد عن الفحشاء وأسبابها .
ثالثاً: أن تمنع النساء من الخروج من البيوت ؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما نهى عن منعهن من الذهاب إلى المساجد ، وأما إلى الأسواق فالرجل حر له أن يمنعها ، تمنع من الخروج من البيت إلا لحاجة لا يمكن أن يقضيها أحد سواها ، وهذا الاستثناء أقوله من باب الاحتراز ، وإلا فلا أظن أن حاجة لا يمكن أن يقضيها إلا النساء ؛ لأن بإمكان كل امرأة أن تقول لأخيها : يا أخي اشتر لي الحاجة الفلانية ، لكننا ذكرنا هذا الاستثناء احتياطاً .
وأن يكون الرجل كما جعله الله عز وجل قوَّاماً على المرأة ، لا أن تكون المرأة هي التي تديره ؛ لأن الله يقول : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/34 . فليكن قائماً حقيقة ، وليمنعها ، ولكن لا بعنف ، بل بهدوء وشرح للمفاسد وبيان للثواب والأجر إذا لزمن البيوت ؛ لأن الله تعالى قال : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) الأحزاب/33 . أي : نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهنَّ أكمل النساء عفة وأقومهن في دين الله ، ومع ذلك قال الله لهن : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) " انتهى .
"اللقاء الشهري" (24/20) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
ما حكم خروج المرأة إلى السوق لقضاء حاجاتها وهي مستترة بكامل حجابها وخافضة للصوت ؛ لعدم وجود من يقضي حاجتها سوى الرجل ، وهو لا يعرف ما يلزم النساء والبيت كما يجب ؟ وإذا خرجت بدون رضا الزوج فما الحكم ؟
فأجابوا : " إذا كان الأمر كما ذكر ، وأذن لها زوجها في الخروج لقضاء حاجات لا بد منها ، ولم يكن هناك من يقضيها غيرها ، فلا بأس بذلك ، وإلا فالخير كل الخير في بقائها في منزلها ، وقلة خروجها فيما لا داعي له " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/370) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان :
ما حكم التردد باستمرار على الأسواق لمعرفة الجديد من السلع ؟
فأجاب :
" مطلوب من المرأة البقاء في بيتها والقيام بأعماله وبتربية أولادها ورعايتهم ؛ فإنها راعية في بيت زوجها ومسؤولية عن رعيتها .
قال الله تعالى : ( وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ ) أي : الزمن بيوتكن ؛ فلا تخرجن لغير حاجة .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان )
وليست معرفة الجديد من السلع حاجة تبرر لها الخروج من بيتها ؛ فالخطر عظيم ، خصوصًا في هذا الزمان الذي كثير فيه الشر " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (60/8) .
وذهاب المرأة مع امرأة أخرى ثقة أفضل من ذهابها منفردة .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : ما الضابط لخروج المرأة وذهابها إلى السوق ، وبخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه أسباب الفتنة ؟
فأجاب :
" لا يجوز الذهاب في كل الحالات إلا لضرورة شديدة ، بأن لا تجد من ينوب عنها في شراء حوائجها الخاصة ، أو لا يعرف ما تريده غيرها ، ومتى خرجت فلابد أن تكون في غاية الاحتشام والتستر ، وتغطية جميع بدنها ، ولا يجوز لمن دخلت الأسواق أن تبدي شيئاً من جسدها أمام الرجال ، كالكفين والوجه والقدمين وغيرها، لأنها عورة ، وهكذا لا تبدي الحلي على يديها ، ولو كانت مستورة بالجوارب ، وهكذا لا تدخل الأسواق وهي متطيبة بطيب له رائحة ظاهرة ، ولابد أيضاً أن تصحب محرمها وهو زوجها أو من تحرم عليه من أقاربها أو أصهارها ، وهكذا ، وقد يجوز إذا صحبت نسوة ثقات وأمنت المفسدة ، والتزمت الاحتشام التام ، والبعد عن الأخطار وأسبابها " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (23/44) .
فالذي ننصحك به عدم الخروج إلى السوق إلا مع زوجك ، ويمكنك شراء جميع ما تحتاجينه معه إذا تفرغ من عمله في آخر الأسبوع ، وإذا طرأ شيء أثناء الأسبوع لا يمكن تأخيره وأذن لك زوجك بالذهاب إلى السوق فنرجو ألا يكون عليك حرج في ذلك ، بالشروط السابق ذكرها .
وانظري جواب السؤال رقم (9937) .
والله أعلم .