الحمد لله.
أولا :
هذا العمل الوارد في السؤال ، من تخصيص قراءة سورة معينة من القرآن الكريم تفاؤلا بالنصر، أو لغير ذلك من الحاجات : أمر محدث لا نعلم له أصلا ، ولم نقف على استحبابه لدى أهل العلم ، والواجب على المسلم التوقف عند ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، واجتناب الإحداث في الدين .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
" ومن البدع التخصيص بلا دليل ، بقراءة آية ، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات ، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل .
ومنها :
أ-قراءة الفاتحة بنية قضاء الحوائج وتفريج الكربات.
ب-قراءة سورة الكهف يوم الجمعة على المصلين قبل الخطبة بصوت مرتفع.
ت-قراءة سورة يس أربعين مرة بنية قضاء الحاجات " انتهى باختصار.
" بدع القراءة " (ص/14-15)
ثانيا :
والمشروع هنا أن نتوسل إلى الله جل جلاله بأعمالنا الصالحة ، من الصلاة والذكر وقراءة القرآن ، وسائر القربات ، وندعوه أن ينصر إخواننا المجاهدين ، مع استفراغ الوسع في نفعهم بما يحتاجون إليه ، كلما وجدنا إلى ذلك سبيلا .
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ ) رواه البخاري (2896) .
وفي رواية النسائي (3178) : ( إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ ) .
ثالثا :
أما الحديث الوارد في السؤال ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الفتح يوم فتح مكة ، فقد ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قَالَ : قَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ سُورَةَ الْفَتْحِ فَرَجَّعَ فِيهَا . وهو حديث صحيح ، رواه البخاري (4835) ومسلم صحيحه (794) .
لكن ليس في الحديث دلالة على استحباب تخصيص قراءة سورة الفتح بنية النصر على الأعداء ، وذلك لما يلي :
1- أنه لا يدرى وقت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه السورة ، أكان قبل الفتح أم بعده.
2- أن قراءته صلى الله عليه وسلم لها إنما كانت لمناسبتها المقام ، فقد نزلت هذه السورة بعد صلح الحديبية ، ووعد الله تعالى فيها عباده المؤمنين بدخول مكة ، وذلك في قوله تعالى : ( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ) الفتح/27، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة هذه الآية تذكر نعمة الله تعالى عليه وعلى أصحابه بصلح الحديبية أولا ، ثم بفتح مكة ودخول المسجد الحرام على وجه الأمان ، وتذكر صدق وعد الله تعالى لنبيه وأنه عز وجل لا يخلف وعده ولا ميعاده .
3- لو كان غرض النبي صلى الله عليه وسلم من قراءتها هو استحضار نية النصر على الأعداء لأمر بذلك أصحابه أيضا كي يعلمهم هذه السنة ويكونوا أقرب إلى الإجابة .
نسأل الله أن يفرج عن إخواننا المسلمين في كل مكان ، وأن يرفع عن أهل غزة ما هم فيه من البلاء ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وانظر جواب السؤال رقم : (110715)
والله أعلم .