الحمد لله.
إذا ابتلي الشخص بوجود رائحة كريهة تخرج من بدنه ، ولم يمكن إخفاؤها باستعمال الطيب ونحوه ، فهو معذور في تركه الجماعة ، ويرجى له الأجر من الله تعالى ، وإذا كان اغتساله يزيل هذه الرائحة فليفعل ذلك قدر استطاعته ، وقد يسر الله تعالى الأسباب المعينة على تسخين الماء ، واتقاء البرد ، بلبس الألبسة الواقية ، وغير ذلك .
وقد نص الفقهاء على أن وجود الرائحة الكريهة عذر في ترك الجماعة ، بل يمنع صاحب الرائحة من دخول المسجد وإيذاء المصلين .
والأصل في ذلك : ما رواه مسلم (564) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ) .
قال في "مطالب أولي النهى "(1/699): "وكره حضور مسجد وجماعته لآكل نحو بصل أو فجل أو كراث , وكل ما له رائحة كريهة , حتى يذهب ريحه ، وكذا نحو من به بخر وصُنان , وجزار له رائحة منتنة , ويستحب إخراجهم دفعاً للأذى " انتهى بتصرف .
و "البَخَر" هو الرائحة الكريهة التي تخرج من بعض الناس ، و "الصُّنان" هو رائحة الإبط الكريهة .
وقال في "أسنى المطالب" (1/215): " ويؤخذ مما ذكر أنه يُعذر بالبَخَر والصُّنَان المستحكم بطريق الأولى " انتهى .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : إن والدي كبير ولا يذهب لصلاة الجمعة ، ويقول : إنه مريض بمرضٍ هو عبارة عن بخر في الفم ورائحة كريهة ، وقال : إنه لا يريد أن يؤذي الناس بهذه الرائحة ، فهل يجوز فعله هذا ؟ .
فأجاب : " نعم ، هذا عذر شرعي ، إذا كان فيه بخر شديد الرائحة الكريهة ولم يتيسر له ما يزيله فهو عذر ، كما أن البصل والكراث عذر ، أما إن وجد دواءً وحيلة تزيله فعليه أن يفعل ذلك حتى لا يتأخر عن صلاة الجمعة والجماعة ، ولكن متى عجز عن ذلك ولم يتيسر فهو معذور أشد من عذر صاحب البصل ، والبخر لا شك أنه مؤذٍ لمن حوله ، إذا كان رائحته ظاهرة " انتهى من " نور على الدرب " (شرط رقم 219 ، الدقيقة 11) .
ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية .
والله أعلم .