هل يصح أن يقول عن صديقه : إني مشتاق إليه ؟

09-08-2009

السؤال 130413

أنا ولد وأشتاق إلى أحد أصدقائي. فهل يجوز أن أقول إني أشتاق له حتى لو كان ولداً أم أن هذا اللفظ لا يستخدم إلا مع النساء أو الأقارب ؟

الجواب

الحمد لله.

الشوق درجة عالية من درجات المحبة .

وقد ورد في السنة ، وفي كلام السلف ، وفي لسان العرب إطلاقه على مختلف الأشياء التي تتطلع إليها النفوس ، وتحنّ إليها القلوب .

فروى النسائي (1305) عن عَمَّار بْن يَاسِرٍ رضي الله عنه  أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا ، فكان من دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ) وصححه الألباني في "صحيح النسائي" .

فأطيب شيء في الدنيا هو الشوق إلى لقاء الله سبحانه ، وأطيب شيء في الآخرة هو النَّظر إلى وجهه الكريم .

قال ابن القيم :

" محبة الله سبحانه والأنس به والشوق إلى لقائه والرضا به وعنه : أصل الدين وأصل أعماله وإراداته " انتهى .

"إغاثة اللهفان" (2/ 195) .

وروى أحمد (3450) بسند صحيح – وأصله في الصحيحين - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى مَرَّ بِغَدِيرٍ فِي الطَّرِيقِ وَذَلِكَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَعَطِشَ النَّاسُ وَجَعَلُوا يَمُدُّونَ أَعْنَاقَهُمْ وَتَتُوقُ أَنْفُسُهُمْ إِلَيْهِ ، قَالَ : فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَأَمْسَكَهُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ ، ثُمَّ شَرِبَ فَشَرِبَ النَّاسُ .

تتوق : تشتاق .

"تاقَت نفْسي إلى الشيء أي : اشتاقت ... ونفْس توَّاقةٌ مُشْتاقةٌ "

"لسان العرب" (10/33) مادة : " توق " .

وروى ابن المبارك في "الزهد"  (1302) بسند صحيح عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: " ما دخل وقت صلاة قط حتى أشتاق إليها " .

وأنشد أحمد بن علي المقرئ في الإمام أحمد ، في أثناء قصيدة له :

فقلت في الحال ذاك ابنُ حنبلٍ     إمامٌ تقيٌ زاهدٌ متـــورعُ

وإني لمشـــتاقٌ إليه فدلّني     ففي النفس حاجاتٌ إليه تسرعُ

"ذيل طبقات الحنابلة" - (ص /18)

وجاء بعض رسل الخليفة المتوكل بعد انفراج محنة خلق القرآن يقول للإمام أحمد :

" أمير المؤمنين مشتاق إليك ... إلخ" .

"سير أعلام النبلاء" (11/276)

وقال سامة بن لؤيٍ :

بلغَا عامراً وكعباً رسولاً    أنَّ نفسي إليهما مشتاقة

"أمالي الزجاجي" (ص / 12)

فليس معنى الاشتياق مقصورا على الشوق إلى النساء .

فلا بأس أن تقول عن صاحبك : إنك مشتاق إليه ، بمعنى أنك تحبه حباً شديداً وتتطلع إلى رؤياه ، على أن لا يتضمن ذلك معنى فاسدا من المعاني المستهجنة التي قد توجد في النفوس المريضة ، نفوس أصحاب الشهوات والغي والفساد .

والله أعلم .

الأخوة الإسلامية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب