الحمد لله.
من القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية : أنه يحرم إعانة العاصي على معصيته ، لقول الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ) المائدة/2 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
"(وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ) وهو التجرؤ على المعاصي التي يأثم صاحبها (وَالْعُدْوَانِ) وهو التعدي على الخَلْق في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه ، ثم إعانة غيره على تركه" انتهى .
"تفسير السعدي" (ص/ 218) .
ولا شك أن أكثر الناس يستعملون (الدش) استعمالاً محرماً ، فيشاهدون فيه الأفلام والمسلسلات ، والغناء ، وقد يشاهدون ما هو أقبح وأشد تحريماً ، كما هو معلوم .
فإذا غلب على ظنك أن المستأجر سيستعمل الدش في هذه المحرمات فلا يجوز لك مساعدته على ذلك ، وقد أحسنت برفضك طلبهم هذا .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"قد شاع في هذه الأيام بين الناس ما يسمي ( الدش ) أو بأسماء أخرى ، وأنه ينقل جميع ما يبث في العالم من أنواع الفتن والفساد والعقائد الباطلة والدعوة إلى أنواع الكفر والإلحاد ، مع ما يبثه من الصور النسائية ومجالس الخمر والفساد وسائر أنواع الشر الموجودة في الخارج بواسطة التلفاز . وثبت لدي أنه قد استعمله الكثير من الناس ، وأن آلاته تباع وتصنع في البلاد ، فلهذا وجب عليّ التنبيه على خطورته ووجوب محاربته والحذر منه وتحريم استعماله في البيوت وغيرها وتحريم بيعه وشرائه وصنعته أيضاً ، لما في ذلك من الضرر العظيم والفساد الكبير والتعاون على الإثم والعدوان ونشر الكفر والفساد بين المسلمين والدعوة إلى ذلك بالقول والعمل .
فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من ذلك والتواصي بتركه . والتناصح في ذلك عملاً بقول الله عز وجل : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ويقول سبحانه : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ) ، وقوله عز وجل : (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)" انتهى .
"فتاوى إسلامية" (4 / 492) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"إذا كان عند الإنسان بيت أو استراحة أو خيمة وجاء إنسان يستأجرها منه وهو يعرف أنه سيضع فيها هذا الدش الذي دمر العقائد والأخلاق والعادات , فلا يجوز أن يؤجره , أما إذا استأجره على أنه يريد السكنى , والمؤجر لا يعلم ، ثم بعد أن سكن وضع فيه الدش فالإجارة صحيحة ، لكن إذا تم العقد – أي : إذا تمت المدة - يقول له : إما أن تخرج الدش ، أو تخرج أنت .
وبالنسبة للمال فإن حرمت الإجارة فالمال حرام " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (119 / 18) .
أما انصراف هؤلاء عن التأجير منك ، فقد يكون من انصراف السوء عنك ، ليحل محله الخير والبركة إن شاء الله ؛ فقد قال الله عز وجل : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق/2 ، 3 .
نسأل الله تعالى أن يغنينا وإياك بحلاله عن حرامه ويغنينا بفضله عمن سواه .
وانظر لمزيد الفائدة إجابة السؤال رقم : (114010) .