الحمد لله.
لم يصح في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لم نقف على شيء مسند في هذا الباب ، وغاية ما هنالك حديث يذكره بعض من كتب في السيرة ، وملأ كتابه بالموضوعات والمكذوبات .
وقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله هذا الحديث في كتابه "الموضوعات" ، فقال :
"وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه ، وإلى نوح في حكمه ، وإلى يوسف في جماله ، فلينظر إلى على بن أبى طالب) أخرجه " الملَّاء " في سيرته" انتهى .
"الموضوعات " (1/17) وعزاه إلى " الملَّاء " أيضا المحب الطبري في " الرياض النضرة "، وفي " ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى " (ص/94) .
والملَّاء هذا هو عمر بن محمد الأربلي الموصلي ، أبو حفص ، المتوفى سنة (579هـ) ، جاء في ترجمته في " الأعلام " (5/60) .
"كان صالحا زاهدا عالما ، له أخبار مع الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي ، أمر الملك العادل نوابه في الموصل أن لا يبرموا فيها أمرا حتى يعلموا به الملاء ، وهو الذي أشار على العادل بعمارة الجامع الكبير في الموصل ، وتولى الإنفاق عليه ، فتم في ثلاث سنوات (سنة 568 هـ) وبلغت نفقاته 60 ألف دينار ، وقيل أكثر ، وهو المعروف اليوم بالجامع النوري ،
وحمل الملاء دفاتر حسابه إلى العادل ، وهو جالس على دجلة ، فلم ينظر فيها ، وقال له : نحن عملنا هذا لله ، دع الحساب إلى يوم الحساب ! وألقى الدفاتر في دجلة .
قال سبط ابن الجوزي : وإنما سمي " الملَّاء " لأنه كان يملأ تنانير الآجر ، ويأخذ الأجرة فيتقوت بها ، ولا يملك من الدنيا شيئا .
وصنف كتاب " وسيلة المتعبدين في سيرة سيد المرسلين – مخطوط " بضعة أجزاء منه ، في معهد المخطوطات " انتهى .
فيتبين بهذا أن الحديث يحكيه " الملاء " في سيرته حكاية من غير إسناد ، وهذا غير كافٍ في إثبات الحديث ، خاصة وأن كتابه في السيرة النبوية مليء بما لم يثبت وما لا يعرف له إسناد ، فلا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن فعل ذلك تعرض لوعيد النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) متفق عليه .
والله أعلم .