الحمد لله.
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن عقد النكاح في المسجد مستحب ؛ لحديث استدلوا به ، ولمعنى قالوا بوجوده .
في " الموسوعة الفقهية " ( 37 / 214 ) :
استحب جمهور الفقهاء عقد النكاح في المسجد ؛ للبركة ، ولأجل شهرته ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف ) .
انتهى
أما الحديث : فقد رواه الترمذي ( 1089 ) ، وهو حديث ضعيف ، ضعفه الترمذي ، وابن حجر ، والألباني ، وغيرهم .
وأما المعنى : فهو قولهم بأن عقد النكاح في المسجد بركة ، لكن يُشْكِل على ذلك أنه لو كان الأمر كذلك لحرص النبي صلى الله عليه وسلم على عقد الأنكحة لنفسه في المسجد ، ولحرص على تبيين ذلك لأصحابه .
وعليه ، فالأظهر هنا أن يقال :
أن إنشاء عقد الزواج في المسجد جائز من حيث الأصل ، لا سيما إن كان ذلك في بعض الأحيان ، أو كان أبعد لهم عن المنكر ، مما لو عقد في مكان آخر . وأما التزام ذلك في كل عقد ، أو اعتقاد أن له فضلاً خاصاً : فهو بدعة ، ينبغي التنبيه عليها ، ونهي الناس عن فعله على هذا الوجه .
وإن كان أثناء العقد وُجد اختلاط بين الرجال والنساء ، أو حصل استعمال للمعازف : صار عقده في المسجد أشد حرمة من عقده خارجه ؛ لما في ذلك من التعدي على حرمة بيت الله .
ودليل مشروعية عقد النكاح في المسجد ، من حيث الأصل : حديث الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ، والذي رواه البخاري ومسلم ، حيث ثبت أنه زوجها لأحد أصحابه في المسجد ، ولا يُحفظ أنه كرر ذلك في عقدٍ غيره .
1. سئل علماء اللجنة الدائمة :
أرجو من فضيلتكم التكرم بتوضيح حكم الشرع في إقامة عقد القران في المسجد ، مع العلم أن العقد سوف يكون مقروناً بالالتزام بالتعاليم الإسلامية ، وهي عدم الاختلاط بين الرجال والنساء ، أو اصطحاب المعازف .
فأجابوا :
إذا كان الواقع ما ذكر : فلا بأس بإجراء عقد النكاح في المسجد .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 18 / 110 ) .
2. وسئلوا :
هل المواظبة على عقد عقود الزواج في المساجد يعتبر من السنَّة المستحبة ، أم يعتبر من البدع ؟ .
فأجابوا :
الأمر في إبرام عقد النكاح في المساجد وغيرها : واسع شرعاً ، ولم يثبت فيما نعلم دليل يدل على أن إيقاعها في المساجد خاصة سنَّة ، فالتزام إبرامها في المساجد : بدعة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 18 / 110 ، 111 ) .
3. وقالوا :
ليس من السنَّة عقد النكاح بالمساجد ، والمداومة على عقد النكاح داخل المسجد واعتقاده من السنَّة : بدعة من البدع ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
وإن كان يحضر حفلة عقد النكاح نساء متبرجات ، وأطفال يؤذون في المسجد : منع عقد ذلك النكاح في المسجد ؛ لما في ذلك من المفسدة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 18 / 111 ، 112 ) .
4. وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
استحباب عقد النكاح في المسجد لا أعلم له أصلاً ، ولا دليلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن إذا صادف أن الزوج والولي موجودان في المسجد وعقد : فلا بأس ؛ لأن هذا ليس من جنس البيع والشراء ، ومن المعلوم أن البيع والشراء في المسجد حرام ، لكن عقد النكاح ليس من البيع والشراء ، فإذا عقد في المسجد : فلا بأس ، أما استحباب ذلك بحيث نقول : اخرجوا من البيت إلى المسجد ، أو تواعدوا في المسجد ليعقد فيه : فهذا يحتاج إلى دليل ، ولا أعلم لذلك دليلاً .
" لقاء الباب المفتوح " ( 167 / السؤال رقم 12 ) .
والله أعلم