أرغب في طرح سؤال بخصوص الاستثمار في برنامج الإمارات العربية المتحدة للصكوك الوطنية (http://www.nationalbonds.ae/eng/home.aspx) حيث أن لديهم صكوك ولديهم سحوبات فما حكم الاشتراك في كل منهما؟
الحمد لله.
بالاطلاع على موقع شركة الصكوك الوطنية وقراءة فتوى الهيئة الشرعية بها ، يتبين جواز التعامل بهذه الصكوك إذا جرت المعاملة وفق ما قالته الهيئة الشرعية ، لكن يظهر من خلال الموقع عدم توافق الفتوى مع السلوك العملي للشركة ، ولهذا أفتى الدكتور سامي إبراهيم السويلم حفظه الله بتحريم التعامل بهذه الصكوك .
فقد سئل : نريد معرفة حكم الصكوك الوطنية التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية، هل هي مجازة أم لا؟
الصكوك الوطنية: شركة مساهمة خاصة، يقع مقرّها في دبي، وتضم قائمة المساهمين فيها شركات وطنية هي: دبي القابضة، وشركة إعمار العقارية، إضافة إلى بنك دبي، ويبلغ رأسمال الشركة (150 مليون درهم)، موزعاً بالتساوي على الشركاء الثلاثة. ويتم شراء الصكوك الوطنية بفئات قيمتها (10 دراهم)، والحد الأدنى للشراء هو (100 درهم)، أي (10) صكوك، يخصص لكل صك رقم مسلسل ويتم إدخاله في سحب شهري على جوائز تتراوح قيمتها بين (100 درهم) و(مليون درهم) وهو مبلغ الجائزة الشهرية الكبرى. وتوجد هيئة شرعية لمراقبة سير عمل الشركة وموافقته للشريعة الإسلامية وقد أصدرت فتوى بجواز عملها!.
فأجاب :
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا البرنامج الذي تقدمه شركة الصكوك الوطنية بدبي لا يعدو أن يكون صورة من صور اليانصيب المتفق على تحريمه شرعاً. فالمشتري لما أسموه "الصكوك" يدفع (100 درهم)، وهو الحد الأدنى للاشتراك، وله حق استرداد هذا المبلغ بعد شهر، وكل شهر يدخل في السحب على جوائز تتراوح بين (100) وبين مليون درهم، كما هو مبين في موقع الشركة (nationalbonds.ae). وهذه معاوضة نقد بنقد مع التفاضل، والتأخير والجهالة، فيدخلها الربا والميسر معاً.
وأما الفتوى الصادرة عن الهيئة الشرعية للشركة في هذا الخصوص فهي تختلف في الحقيقة عن عمل الشركة المعلن في موقعها. وبيان ذلك من وجوه:
1. الفتوى تنص على أن العقد بين حامل الصكوك وبين الشركة عقد مضاربة، بينما لا يذكر الموقع شيئاً عن عقد المضاربة، ولا عن طبيعة المشاريع التي يستثمر فيها، ولا عن معدل الأرباح المحققة. فليس في الموقع ما يحدد ويبين الطبيعة الاستثمارية للشركة، بل هو يعلن بكل وضوح عن جوائز السحب التي قد تصل إلى مليون درهم، ويحث الجمهور على الاشتراك طمعاً في الجوائز وليس في الأرباح الاستثمارية. فأين هي المضاربة إذن؟
2. الفتوى تنص على أن الجوائز يتم توزيعها من نصيب الشركة في أرباح المضاربة من خلال القرعة. لكن تحديد مقدار الجوائز ما بين (100) إلى مليون درهم، ينافي كونها من أرباح الاستثمار التي لا يمكن تحديدها مسبقاً.
وهذا يعني أن الشركة تلتزم بجوائز بمبالغ محددة في حال وقوع السحب عليها بغض النظر عن أداء الاستثمار، فتكون المعاملة معاوضة نقد بنقد مجرداً ولا علاقة لها بالمضاربة.
أضف إلى ذلك أن الشركة تعلن أن أول سحب سيتم شهر مايو، بينما لا تعلن الأرباح إلا في نهاية العام. فكيف تكون الجوائز من الأرباح مع أن الأرباح لم تحدد ولم تعلم بعد؟
3. الفتوى تنص على أنه لا يجوز اشتراط السحب على الجوائز في عقد المضاربة، بينما يجعل موقع الشركة هذه الجوائز هي أهم مزايا الاشتراك، ويحدد تواريخ السحب على الصفحة الأولى وجميع صفحات الموقع، ويشجع الزائر على الاشتراك لأنه قد يصبح من أصحاب الملايين. وهذا يجعل السحب على الجوائز هو الهدف من الاشتراك، ولا يخفى أن هذا من أعظم الاشتراط لأنه الأساس الذي من أجله يشتري الناس هذه الصكوك.
4. الفتوى تنص على أن العقد عقد مضاربة، بينما ينص الموقع على حق المشترك في استرداد قيمة الصكوك بعد مضي شهر على الأقل من الاشتراك، وهذا يجعل ثمن الصك بمثابة القرض الذي تلتزم الشركة برد مثله. فإذا انضم لذلك الحصول على الجوائز كان قرضاً جر نفعاً، وهو ربا، بإجماع العلماء.
والحاصل : أن مضمون الفتوى شيء وواقع الشركة شيء آخر. وكان الواجب توجيه هذه الأموال للاستثمار المشروع القائم على العمل والإنتاج وتحقيق القيمة المضافة، بدلاً من توظيفه في الحظ والجوائز التي تقتل العمل، ولا تولد أي قيمة للاقتصاد .
والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل " انتهى من موقع الإسلام اليوم
والله أعلم .