الحمد لله.
قد يعاني المسلمون من اضطهاد وإيذاء بسبب نظرة الآخرين لهم ، وبسبب تمسكهم بدينهم ، ولكن مهما بلغ بهم الإيذاء والاضطهاد فإنهم لا يمكن أن يذلوا داخل أنفسهم ، ولا أن يكرهوا الإسلام ، بل يصبرون ويتحملون لله وفي سبيل الله ، ويحتسبون الأجر في ذلك ، قال ربهم تبارك وتعالى : ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين .
وأما ما يفعله بعض الكفار بالمسلمين فإنه لواحد من ثلاثة أسباب :
إما أن يكون هذا الكافر جاهلاً بالإسلام وعظمته ، وأنه الدين الحق ، فيؤذي المسلمين بناءً على جهله به .
أو أن يعلم أن الدين الإسلامي هو الدين الحق ولكنه يؤذي المسلمين عناداً وتجبراً .
أو أن يكون عالماً بفضل الإسلام والمسلمين ، ولكنه يفعل هذا الإيذاء حسداً للإسلام وأهله .
ومع ذلك فالمسلمون يؤمنون بأن الإسلام هو دين العزة والكرامة ، وهو دين الرفعة في الدنيا والآخرة ، من تمسك به رفعه الله ، ومن تخاذل عنه فلن يضر إلا نفسه .
لقد علمنا الإسلام - فيما علمنا - أن نكون أعزةً أقوياء فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير " رواه مسلم (4816) .
لقد أمرنا الإسلام : بأن يرحم الكبير منا الصغير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقر كبيرنا " رواه الترمذي (1842) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (1565).
لقد أمرنا الإسلام أن نكون متراحمين فيما بيننا ، وفي المقابل أن نكون أعزة على الكافرين أشداء عليهم فقال سبحانه في وصف أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم .. الفتح .
وسمح لنا ديننا أن نتزوج من نساء اليهود والنصارى ، ولكن لا يجوز لنا أن نزوجهم بناتنا لأن اليهود والنصارى أقل منزلةً منا ونساؤنا أعلى درجةً منهم ، ولا يعلو السافل على العالي . والإسلام يعلو ولا يُعلى عليه . ونحن نؤمن بأنبياءهم ، وهم لم يؤمنوا بنبينا .
وقد أمرنا ديننا أن نُخرجهم من جزيرة العرب وأن لا نبقيهم فيها ، لأن جزيرة العرب أرض الرسالة ، فلا يجوز أن نلوثها بالكفار الأنجاس . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب " رواه البخاري (2932) ومسلم (3089) .
وقد نهانا ديننا من الأكل من آنية اليهود والنصارى إلا إن لم نجد غيرها فيجوز لنا الأكل فيها بشرط أن نغسلها غسلاً جيداً . فقال صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأكل من آنية أهل الكتاب : " إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا " رواه البخاري (5056) ومسلم (3567) واللفظ لمسلم.
وقد نهانا ديننا الحنيف أن نتشبه في لباسنا بالكفار ، أو أن نقلدهم في طريقة الأكل أو العادات ، لأننا نحن الأعلون والكفار هم الأدنون ، والعالي لا يتشبه بالداني ، بل توعد نبينا من تشبه بالكفار بأنه سوف يلقى مصيرهم في جهنم وبئس المصير ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داوود (3512) - وقال الألباني عن الحديث : حسن صحيح . انظر صحيح أبي داوود (3401) .
وقد أمرنا نبينا أن نقاتل الكفار عند القدرة والاستطاعة وأن نغزوهم في ديارهم وأن نعطيهم ثلاث خيارات قبل أن ندخل أرضهم : إما أن يسلموا ويكونوا مثلنا لهم ما لنا , وعليهم ما علينا ، أو يُعطوا الجزية وهم أذلة صاغرون ، أو القتال فنستحل أموالهم ونسائهم وأولادهم وديارهم ويكونوا غنيمةً للمسلمين .
إن الإسلام دين سماوي ، يربط بين العبد وربه بلا واسطة ، فيعبد العبد ربه متى شاء ، ويدعوه إذا شاء ، فهو مرتبط بربه برابطة العبادة ، والإقبال عليه ، والتضرع بين يديه ، لا يحتاج إلى واسطة الرهبان !!
ولا إلى كرامة الأحبار !! بل يتوجه مباشرة إلى الله الواحد القهار .
إلا أن ما تراه اليوم من هوان المسلمين وتسلط اليهود والنصارى عليهم فسببه تهاون المسلمين عن التمسك بدينهم ، وتركهم الإعداد للجهاد في سبيل الله ، وحب الدنيا الذي أمات في قلوبهم حب الله والدار الآخرة .
لهذا ترى اليوم دماء المسلين تُراق رخيصةً بلا ثمن ، وديارهم تُهدم بلا ثمن ، وأرواحهم تُزهق على وهن .
وصدق الله إذ يقول : وما آصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير .
إن الذلة والهوان هو بما كسبناه نحن معاشر المسلمين ، وليس بسبب الإسلام ، ولكن إذا ما رجعنا إلى ديننا فسيعود لنا مجدنا وعزتنا .
والله أعلم .