لا أعرف ما تقصدون في تمجيد الله والثناء عليه قبل الدعاء؟
المقصود بتمجيد الله والثناء عليه قبل الدعاء هو البداءة بحمد الله تعالى وشكره وذكر بعض أسمائه الحسنى وصفاته العلى والاعتراف بين يديه سبحانه وتعالى بالذل والفقر إليه، لتكون هذه الكلمات تمهيدا لسؤاله عز وجل، فهو سبحانه يحب من عبده التذلل إليه والاعتراف بعظيم نعمه وجليل فضله، فإذا قدم العبد صدق التذلل، ثم أتبعه بصدق الدعاء والمسألة، كان ذلك أدعى لإجابة الدعاء.
الحمد لله.
المقصود بتمجيد الله والثناء عليه قبل الدعاء: هو البداءة بحمد الله تعالى وشكره، وذكر بعض أسمائه الحسنى وصفاته العلى، والاعتراف بين يديه سبحانه وتعالى بالذل والفقر إليه، لتكون هذه الكلمات تمهيدا لسؤاله عز وجل، فهو سبحانه يحب من عبده التذلل إليه، والاعتراف بعظيم نعمه وجليل فضله، فإذا قدم العبد صدق التذلل، ثم أتبعه بصدق الدعاء والمسألة، كان ذلك أدعى لإجابة الدعاء.
عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال:
(سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَجِلَ هَذَا. ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ. رواه أبو داود (1481)، والترمذي (3477) وقال: حسن صحيح
ومن أمثلة تمجيد الله والثناء عليه قبل الدعاء ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ:
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ: فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ – أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ – رواه البخاري (1120) ومسلم (769)
فتأمل كيف قدم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبدأ بالدعاء جملا كثيرة، كلها حمد لله، وثناء عليه، وتمجيد له، واعتراف بالفقر إليه، وإقرار بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، ثم بعد ذلك كله بدأ بالدعاء، وقد كان جملة واحدة فقط، وهي: فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت.
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:
” فيه استحبابُ تقديم الثناء على المسألة عند كلِّ مطلوب، اقتداءً به صلى الله عليه وسلم.” انتهى. ” فتح الباري” (3/5)
ويقول الدكتور عبد الرزاق البدر:
” إنَّ من ضوابط الدعاء المهمة وآدابه العظيمة أن يقدِّم المسلم بين يدي دعائه الثناءَ على ربِّه بما هو أهلُه من نعوت الجلال، وصفات العظمة والكمال، وذكر جوده وفضله وكرَمه وعظيم إنعامه، وذلك أنَّه أبلغُ ما يكون في حال السائل والطالب ثناؤُه على ربِّه، وحمدُه له، وتمجيدُه، وذكرُ نعمه وآلائه، وجعل ذلك كلِّه بين يدي مسألته وسيلةً للقبول ومفتاحاً للإجابة.
ومَن يتأمّل الأدعيةَ الواردة في الكتاب والسنة يجد كثيراً منها مبدوءاً بالثناء على الله وعدِّ نِعمه وآلائه، والاعتراف بفضله وجوده وعطائه، ومن الأمثلة على ذلك الدعاءُ العظيم الذي اشتملت عليه سورة الفاتحة التي هي أعظم سور القرآن الكريم وأجلُّهااهدنا الصراط المستقيم.
فهذا الدعاءُ العظيم مبدوءٌ بالثناء على الله وحمده وتمجيده، مما هو سببٌ لقبوله، ومفتاحٌ لإجابته.
قال ابن القيم رحمه الله: ولما كان سؤال الله الهدايةَ إلى الصراط المستقيم أجلَّ المطالب، ونيلُه أشرفَ المواهب، علّم الله عبادَه كيفيةَ سؤاله، وأمرهم أن يقدِّموا بين يديه حمدَه والثناء عليه وتمجيدَه، ثمَّ ذكر عبوديتهم وتوحيدهم، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم، توسلٌ إليه بأسمائه وصفاته، وتوسلٌ إليه بعبوديته، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يُردُّ معهما الدعاء… إلى أن قال رحمه الله:
وقد جَمعت الفاتحة الوسيلتين، وهما التوسلُ بالحمد والثناء عليه وتمجيده، والتوسلُ إليه بعبوديته وتوحيده، ثمَّ جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب، وهو الهداية بعد الوسيلتين، فالداعي به حقيقٌ بالإجابة.
ومن الأمثلة على ذلك دعاء يوسف عليه السلام: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيث فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ، ودعاء أيوب عليه السلام، قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلعَابِدِينَ، ودعاءُ أولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السموات والأرضرَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، ودعاءُ الملائكة: رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهْمْ عَذَابَ الجَحِيمِ، والأمثلة على ذلك كثيرةٌ جداًّ، يطول عدُّها، فينبغي على المسلم أن يحافظ على هذا الأدب الرفيع عند سؤاله له سبحانه بأن يُثْنِيَ عليه ويَحمده ويمجّده، ويعترف بفضله وإنعامه، ثمَّ يسأله بعد ذلك ما يشاء من خَيْرَي الدنيا والآخرة ” انتهى. ” فقه الأدعية والأذكار” (2/203-207)
وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: 36902، 223668، 21928، 219875، 357207، 295485.
والله أعلم.