الحمد لله.
أولا :
سبق معنا في أجوبة عديدة التأكيد على حق الوالدين ، وخاصة الأم ، وبيان أنه من الواجبات الشرعية المقررة المعلومة بالضرورة من دين الله .
وقد روى مسلم (2551) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ) قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ ) .
والأحاديث في الباب كثيرة معلومة .
ثانيا :
إن تأكد حق الوالدة على ولدها : لا يعني أنه ليس للآخرين حقوق عليه ، ولا يعني : أنه يهدر حقوق الآخرين ، لأجل حق الوالدة .
وفي حديث سلمان المعروف مع أبي الدرداء : ( ... فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ) .
فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( صَدَقَ سَلْمَانُ ) . رواه البخاري (1968) .
فكما لأمك عليك حق أكيد عظيم ، فكذلك لزوجتك عليك حق : فأعط كل ذي حق حقه .
وهذه الموازنة بين الحقوق تتطلب منك قدرا من الحكمة والتعقل عند معالجة أمورك ؛ فأرض زوجك ، ولا تغضب أمك . وبر أمك ، ولا تجفُ أهلك . وهكذا فليكن أمرك معهما .
ثالثا :
ليس من الواجب عليك أن تعلم أمك بكل ما تحضره لزوجتك ، أو تفعله معها من إحسان العشرة ، والرفق بها ، والإلطاف إليها . وليس واجبا عليك أن تخرج بأمك ، أو تسافر بها ، كلما فعلت ذلك مع زوجتك ، وإنما الواجب عليك ألا توحش أمك ، ولا توغر صدرها عليك ؛ وهذا كما قلنا يحتاج إلى حكمة وحسن تقدير للموقف ؛ فبإمكانك مثلا أن تجعل خروجك بأهلك في وقت تنشغل أمك فيه بغيرك من إخوانك ، إما أنهم يأتون إليها ، أو تذهب هي إليهم .
وبإمكانك أن تجلب لها ـ إذا علمت بسفرك ـ من الهدايا : ما يزيل وحشتها ، أو يخففها .
وإذا أمكنك أن تتعاون أنت وإخوانك في هذا الأمر : لكان أرفق بالجميع ؛ فيكون على كل واحد منكم أن يخرج بأمه مرة ، أو يسافر بها مرة .. ، وهكذا سوف تجد نفسها تخرج ، أو تسافر ، أو تنال من اللطف والترويح ، من مجموع أولادها ، ما لا تناله زوجة كل واحد منهم.
فاجتهد في الموازنة في أداء الحقوق ، والبر وحسن العشرة مع الجميع .
واستعن بدعاء ربك أن يوفقك في ذلك ، وأن يصلح لك أمك وزجك ، ويعينك على الإحسان إليهما .
والله الموفق .
للاستزادة : راجع إجابة السؤال رقم : (6388 ) ، (82453 ) ، (117957) .