الحمد لله.
أولا :
لا يجوز للمرأة الحائض أن تدخل المسجد الحرام ، ولا أن تطوف بالكعبة ، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد حاضت قبل دخول مكة في حجة الوداع : (افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي) رواه البخاري (1650) ومسلم (1211) .
والله تعالى أحق أن يستحيى منه ، فلا يجوز للحائض الطواف بالبيت بدعوى أنها استحيت أن تخبر أهلها .
ثم إننا نعيب على السائلة أنها لم تسأل عن حكم ذلك إلا بعد عشر سنوات ، وكان الواجب عليها أن تبادر بالسؤال حتى تستدرك ما فاتها .
ثانياً :
إذا طافت المرأة وهي حائض فطوافها غير صحيح ، وعمرتها لم تتم ، وهي باقية على إحرامها حتى تتم عمرتها ، وقد ذكرت أنك اعتمرت بعد ذلك عدة مرات ، فتقع الأولى من هذه العمرات إتماماً لهذه العمرة التي طفت فيها وأنت حائض ، غير أنك ذكرت أنك تزوجت قبل الاعتمار ، وهذا يعني أنه قد تم عقد النكاح وأنت محرمة .
وعلى هذا فالذي يلزمك ما يلي :
1- إعادة عقد النكاح لأن العقد على المُحْرِم أو المُحْرِمة لا يصح .
2- وجوب إتمام العمرة ، وقد تم ذلك .
3- إن كان حصل جماع قبل إتمام العمرة الأولى ـ وهو الظاهر من السؤال ـ فهذا يعني أن العمرة قد فسدت ، فعليك قضاؤها ، وتبقى هذه العمرة في ذمتك حتى يتم قضاؤها ، ولا يكفي ما اعتمرتيه بعد ذلك عن القضاء ، لأن القضاء لا بد فيه من نية .
4- وعليك فدية عن الجماع ، وهي شاة ، تذبح وتوزع على مساكين الحرم .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
لي قريبة اعتمرت في رمضان ، ولما دخلت الحرم أحدثت حدثا أصغر ، خرج منها ريح وخجلت أن تقول لأهلها أريد أن أتوضأ ، ثم طافت ولما انتهت من الطواف ذهبت لوحدها وتوضأت ثم أتت بالسعي ، فهل عليها دم أم كفارة ؟
فأجاب :
"طوافها غير صحيح ؛ لأن من شرط صحة الطواف الطهارة كالصلاة ، فعليها أن ترجع إلى مكة وأن تطوف بالبيت ، ويستحب لها أن تعيد السعي ؛ لأن أكثر أهل العلم لا يجيز تقديمه على الطواف ، ثم تقصر من جميع رأسها وتحل ، وإن كانت ذات زوج وقد جامعها زوجها فعليها دم يذبح في مكة للفقراء ، وعليها أن تأتي بعمرة جديدة من الميقات الذي أحرمت منه للعمرة الأولى ؛ لأن العمرة الأولى فسدت بالجماع ، فعليها أن تفعل ما ذكرنا ثم تأتي بالعمرة الجديدة من الميقات الذي أحرمت للعمرة الأولى منه ، سواء كان ذلك في الحال أو في وقت آخر ، حسب طاقتها" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/214-215) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هناك امرأة طافت حول الكعبة وهي حائض ، ولم تخبر والدها وأهلها بذلك وأكملت عمرتها ، فما عليها ؟
فأجاب :
"طواف العمرة ركن ، وهي الآن على إحرامها تماماً ، فيجب عليها أن تتجنب جميع محظورات الإحرام .
السائل : لكن هي اعتمرت وحجت بعدها مرات .
الشيخ : اعتمرت وحجت هل نوت القضاء ؟ إن نوت القضاء فهذا مقبول ، وإن لم تنو القضاء فيبقى هل صحت عمرها التي وقعت في جوف العمرة الأولى أو لم تصح ؟ أنا أقول أسأل الله لي العفو العافية : إن هذه العمرة صحيحة إن شاء الله لأنها جاهلة ، وإلا لكان إحرامها بعمرة في جوف عمرة لا يصح ، فنقول : إحرامها إن شاء الله صحيح وعمرتها صحيحة ، وما دامت لم تنو القضاء فعليها القضاء" انتهى باختصار .
"اللقاء الشهري" (4/417-418) .
والله أعلم