الحمد لله.
لا شك أنك أخطأت بذهابك وعدم الوقوف على ما أصاب الشخص من جراء الحادث ، فإن بعض الآثار قد لا تظهر في بادئ الأمر ، وكان الواجب أن تطلب العفو والصفح منه ، وأن تحمله إلى المستشفى لإجراء الفحص ، وأن تعلم اسمه وعنوانه لتنظر ما يجري له ، ومعلوم أن من صدم شخصا بسيارته لزمه ضمان ما أتلف من عضو أو نفس ، مع الكفارة في حال ذهاب النفس .
وعليه ؛ فإذا أمكنك الوصول إلى هذا الشخص الآن ، بالرجوع إلى ذلك الشارع ، والتعرف عليه بأوصافه ، أو بالسؤال عمن جرى له هذا الحادث من عشر سنوات ، أو بغير ذلك من الوسائل ، فهذا هو المتعيّن عليك ؛ لأن حقوق المخلوقين لابد من أدائها أو التحلل من أصحابها في الدنيا ، قبل أن تصير وبالاً في الآخرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ) رواه البخاري (6534) .
وإذا لم يمكنك الوصول إليه ، فإذا لم يغلب على ظنك موته بالحادث ، فلا شيء عليك سوى التوبة ، وإن غلب على ظنك موته لزمتك الكفارة والدية .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : في يوم من الأيام أخذت سيارة عسكرية ، ودخلت أحد الشوارع المزدحم بالناس ، وكان شخص يمشي على قدميه وسط الشارع ولم أكن أجيد القيادة جدا ، مما أدى إلى أن صدمت هذا الشخص ، ومرت السيارة من عليه وأعتقد أنه توفي من جراء هذه الصدمة ، وكان لدينا أخبار من قبل أن هناك عادة في ذلك البلد ، عندما يصير لأحد حادث مروري فإنهم ينهالون عليه بالضرب وتكسير السيارة , بحجة أنها فورة دم ، ولا شيء فيها ، لذلك لم أقف ، ورجعت بالسيارة إلى المعسكر ولم أبلغ أحدا بذلك ، بل حمدت الله أن ستر علي وأنجاني من فورة الدم التي تحدث من المواطنين للذي يصير عليه حادث ، ولم أبد هذا الموضوع لأحد يساعدني أو يدلني ، فأنا ذلك الوقت جاهل وفي بداية شباب ، وإلا كان من الممكن البحث عن أقارب هذا الشخص والتسامح معهم ، فهذا قضاء الله وقدره ، وأنا لا أعرف اسم ولا عنوان لهذا الشخص الذي صدمته ، ولا لأقاربه ولا أعلم عن ديانته ، ففي ذلك البلد : المسلم ، والمسيحي ، والدرزي ، ومضى على هذا الموضوع ما يقارب 25 سنة ،
وأنا أريد الأخذ بالأحوط فلا أعتقد أنه سلم من الموت بعد أن مرت السيارة عليه . أفيدوني ماذا أفعل؟
فأجابوا : "إذا غلب على ظنك وفاة الشخص المصدوم بسببك فإن عليك كفارة قتل الخطأ ، وهي : عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم تجد فإنك تصوم شهرين متتابعين ستين يوما ، وتجب دية الشخص المصدوم على عاقلتك ، باعتبار أن البلد بلد إسلامي ، فإن لم يتيسر دفعها من العاقلة وجب عليك دفعها إلي ورثته الشرعيين ، ويلزمك البحث والتحري عنهم ، فإن تعذر عليك معرفتهم فإنك تتصدق بها بالنية عنهم " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (21/384) .
والله أعلم .