الحمد لله.
أولا :
يلزم الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف ؛ لقوله تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/ 34 . وقوله : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا) الطلاق/7 .
وعَنْ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ : (أَنْ
تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ ، وَلَا تَضْرِبْ
الْوَجْهَ ، وَلَا تُقَبِّحْ ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ) .
رواه أبو داود ( 2142 ) وابن ماجه ( 1850 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال ابن رشد رحمه الله : " واتفقوا على أن من حقوق الزوجة على الزوج : النفقة ، والكسوة ؛ لقوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) الآية ؛ ولما ثبت من قوله عليه الصلاة والسلام : (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) ؛ ولقوله لهند : (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) فأما النفقة : فاتفقوا على وجوبها " انتهى من "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" ( 2 / 44 ) .
وهذه النفقة تسقط إذا كانت الزوجة ناشزا ، أي عاصية لزوجها ، كخروجها بدون إذنه ، وامتناعها عن إعطائه حقه .
ثانيا :
يلزم الزوج نفقة زوجته المطلقة طلاقا رجعيا خلال العدة .
فإن طلقها وهي حامل ، فعدتها إلى وضع الحمل .
فيلزمه النفقة عليها خلال حملها ولو طلقها .
جاء
في " الموسوعة الفقهية " ( 16 / 274 ) :
"تجب النّفقة والسّكنى للحامل المطلّقة طلاقا رجعيّا أو بائنا حتّى تضع حملها ،
وذلك باتّفاق الفقهاء ؛ لقوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا
عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) " انتهى .
ثالثا :
يلزم الزوج النفقة على الحمل في جميع الأحوال ، سواء كانت الزوجة مطيعة أو ناشزا ، قبل الطلاق وبعده ، ثم تلزمه النفقة على المولود إذا ولد .
وينظر جواب السؤال رقم (106750) .
وبهذا يتبين أن زوج ابنتك تلزمه النفقة على الحمل قبل الطلاق وبعده ، كما تلزمه النفقة على ابنتك قبل الطلاق ، وبعد الطلاق إلى انقضاء العدة . ولا يستثنى من ذلك إلا إذا ثبت نشوزها ، فتسقط نفقتها هي ولا تسقط نفقة حملها .
وإذا لم ينفق الزوج النفقة الواجبة ، كان للزوجة أن تستدين وتنفق على نفسها ثم تطالبه بذلك .
وسواء استدانت أو أنفقتم عليها من غير استدانة ، فإن النفقة التي لم يدفعها الزوج لا تسقط عنه بمضي الزمن ، ولكم المطالبة بها .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ومن ترك الإنفاق الواجب لامرأته مدةً , لم يسقط بذلك , وكانت دَيْناً في ذمته , سواء تركها لعذر أو غير عذر , في أظهر الروايتين [يعني عن الإمام أحمد] . وهذا قول الحسن ومالك , والشافعي , وإسحاق , وابن المنذر ".
واستدل رحمه الله بأن "عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد , في رجال غابوا عن نسائهم , يأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا , فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما مضى" انتهى من "المغني" (8/ 165) .
رابعا :
إذا انقضت العدة بوضع الحمل ، لم يجز رجوع ابنتك إلى مطلقها إلا بعقد جديد ومهر جديد .
والذي ننصح به أختنا وفقها الله أنه إن كان زوجها سيء الخلق ، ولا ترجو تغيرا كثيرا في خلقه ، فلا تحرص على الرجوع إليه ، ولعل فيما حدث خيرا لها ، وقد قال تعالى : (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا) النساء/130 .
وإن كان زوجها مرضيا في الجملة ورغبت في الرجوع إليه فلها أن توسط من يبحث عنه
ويسعى في لمّ الشمل وجمع الزوجين ، وينبغي أن تكثر من اللجوء إلى الله تعالى ،
وسؤاله التوفيق والسداد .
والله أعلم .