ما حكم من كان يغتسل غسل الجمعة – وهو يحسبه واجبا -، فيتمضمض ويستنشق ويستنثر، ويذهب إلى الصلاة دون وضوء؛ ظانا منه أن غسل الجمعة – بصفة الإجزاء -: تجزئه عن الوضوء؟
إذا كان الغسل لأمر مستحب كغسل الجمعة، فقد اختلف فيه أهل العلم: 1- أنه يرفع الحدث، 2- أن غسل الجمعة لا يجزئ عن الوضوء، بل لا بد من الوضوء مع الغسل. ومن صلى بغسل الجمعة ظناً منه أن ذلك يجزئه عن الوضوء، ثم تبين له بعد ذلك خلاف ما يظن، فإنه لا يؤمر بإعادة الصلوات التي صلاها في الماضي.
الحمد لله.
الاغتسال من حيث كونه مجزئاً عن الوضوء أو غير مجزئ، أنواع:
قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله “دقائق أولي النهى” (1/55): “(ومن نوى غسلا مسنونا) وعليه واجب (أو) نوى غسلا (واجبا) في محل مسنون (أجزأ عن الآخر)” انتهى.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا اغتسل شخص للتبرد غسلاً مجزئاً، فهل يكفيه عن الوضوء؟ وإن لم يكفه، فما هو الغسل الذي يكفي عن الوضوء؟ وهل لا بد فيه من نية؟
فأجاب: “التبرد ليس عبادة وليس طاعة، فإذا اغتسل للتبرد لم يجزئه عن الوضوء، الذي يجزئ عن الوضوء هو الغسل من الجنابة، أو غسل المرأة من الحيض والنفاس؛ لأنه عن حدث، وأما الغسل المستحب كالغسل عند الإحرام مثلاً، فإنه لا يجزئ عن الوضوء، وكذلك الغسل الواجب لغير حدث، كغسل يوم الجمعة لا يجزئ عن الوضوء.
فلا يجزئ عن الوضوء إلا الغسل الذي يكون عن حدث، جنابةً أو حيضاً أو نفاساً.
السائل: وماذا يكون لو نوى؟
الشيخ: ولو نوى؛ لأنه لابد من الترتيب.
السائل: والغسل عن الحدث، هل لابد من نية؟ الشيخ: إذا نوى الغسل عن الجنابة كفى عن الوضوء؛ لقول الله تعالى:وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا، ولم يذكر الوضوء ” انتهى من “لقاءات الباب المفتوح”.
من صلى بغسل الجمعة ظناً منه أن ذلك يجزئه عن الوضوء، ثم تبين له بعد ذلك خلاف ما يظن، فإنه لا يؤمر بإعادة الصلوات التي صلاها في الماضي؛ مراعاة لقول من أجاز ذلك من أهل العلم، وهو قول معتبر، ولأن الإنسان معذور فيما لم يبلغه فيه النص، كما قرر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله.
وأما فيما بعد ذلك، فقد بينا الخلاف في ذلك بين أهل العلم، ولا شك أن الأحوط له، والأبرأ لذمته: أن يتوضأ، مع غسله، والسنة أن يكون ذلك الوضوء قبل الغسل، لا بعده.
وللفائدة ينظر جواب هذه الأسئلة: (45648، 115532، 68854).
والله أعلم.