الحمد لله.
يجوز للمرأة أن تنظر في أكثر من طلب لخطبتها في وقت واحد قبل أن تجيب أحد الخاطبين ؛ لما روى مسلم (1480) عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها قالت : " ذَكَرْتُ لَهُ - أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم - أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ، فَكَرِهْتُهُ ، ثُمَّ قَالَ : انْكِحِي أُسَامَةَ ، فَنَكَحْتُهُ ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ) .
وهذا يدل على قبولها النظر والتفكير في أكثر من خاطب في وقت واحد قبل أن تجيب أحدهما.
فإن حصلت الإجابة لأحد الخاطبين ، فليس لخاطب آخر أن يتقدم لها وهو يعلم بالخطبة الأولى ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (وَلا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ) رواه البخاري (4848) ومسلم (1412) .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (9/197) : " هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه ، وأجمعوا على تحريمها إذا كان قد صُرح للخاطب بالإجابة ، ولم يأذن ولم يترك " انتهى .
هذا بالنسبة للرجل ، فليس له أن يخطب على خطبة أخيه حتى يأذن له أو يدع الخطبة .
وأما المرأة ، فإن علمت أن فلانا الأصلح سيتقدم لخطبتها في حال فسخها لخطبة الأول ، دون أن يكون من الثاني تحريض أو تدخل ، فلا حرج عليها في فسخ الخطبة ؛ لأن لكل واحد من الخاطبين فسخ الخطبة متى رأى مصلحته في ذلك . وينبغي أن تستخير الله تعالى في الفسخ ، ثم في قبولها للخاطب الجديد .
والله أعلم .