الحمد لله.
الحديث الثاني : عن أبي
المثنى الأملوكي الحمصي :
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى أصحابه قال : عويمر حكيم أمتي ،
وجندب طريد أمتي ، يعيش وحده ، ويموت وحده ، والله وحده يكفيه )
رواه الحارث بن أبي أسامة في " المسند " – كما في " بغية الباحث عن زوائد مسند
الحارث " (1/303) – قال : حدثنا داود بن رشيد ، ثنا محمد بن حرب ، عن صفوان ، عن
أبي المثنى به .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" هذا إسناد صحيح إلى أبي المثنى ؛ فإن صفوان - وهو ابن عمرو السكسكي - ثقة ؛ لكنه
مرسل ؛ على جهالة في أبي المثنى ، واسمه ضمضم الأملوكي ، روى عنه هلال بن يساف أيضا
كما في " الجرح والتعديل " على خلاف في ذلك تراه في " التهذيب "... وجملة القول أن
الحديث مرسل ، وبه أعله السيوطي في " الجامع الصغير " ، على جهالة في مرسِله .
والله أعلم " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/5530)
فالحاصل أن هذا الحديث ضعيف
لا يثبت .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" بسند ضعيف " انتهى.
" الإصابة " (7/129)
وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله :
" وفى هذه القصة نظر ، فقد ذكر أبو حاتم بن حبان في " صحيحه " – (15/57-62) - وغيره
في قصة وفاته ، عن مجاهد ، عن إبراهيم بن الأشتر ، عن أبيه ، عن أم ذر ، قالت :
لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت ، فقال : ما يبكيك ؟ فقلت : ما لي لا أبكي ، وأنت تموت
بفلاة من الأرض ، وليس عندى ثوب يسعك كفنا ، ولا يدان لي في تغييبك ؟ قال : أبشري
ولا تبكي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن
رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المسلمين ، وليس أحد من أولئك النفر إلا
وقد مات في قرية وجماعة ، فأنا ذلك الرجل ، فوالله ما كَذَبتُ ولا كُذِبت ، فأبصري
الطريق ، فقلت : أنَّى وقد ذهب الحاج ، وتقطعت الطرق ، فقال : اذهبى فتبصَّرِي .
قالت : فكنت أسند إلى الكثيب أتبصر ، ثم أرجع فأمرضه ، فبينا أنا وهو كذلك ، إذ أنا
برجال على رحالهم كأنهم الرخم تخب بهم رواحلهم ، قالت : فأشرت إليهم ، فأسرعوا
إليَّ حتى وقفوا عليَّ فقالوا : يا أمة الله ؛ ما لك ؟ قلت : امرؤ من المسلمين يموت
تكفنونه . قالوا : ومن هو ؟ قلت : أبو ذر . قالوا : صاحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم ؟ قلت : نعم ، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه ، فقال
لهم : أبشروا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن
رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين . وليس من أولئك النفر رجل إلا
وقد هلك في جماعة ، والله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبت ، إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنا
لي أو لامرأتي لم أكفن إلا في ثوب هو لي أو لها ، فإني أنشدكم الله أن لا يكفنني
رجل منكم كان أميرا ، أو عريفا ، أو بريدا ، أو نقيبا ، وليس من أولئك النفر أحد
إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار قال : أنا يا عم ، أكفنك في ردائي هذا
، وفى ثوبين من عيبتي من غزل أمي . قال : أنت فكفِّنِّي ، فكفَّنَه الأنصاري ،
وقاموا عليه ، ودفنوه في نفر كلهم إيمان ) " انتهى.
" زاد المعاد " (3/534-535) .
والحديث حسنه الألباني في " صحيح الترغيب " (رقم/3314) .
فإذا لم يثبت سند الحديث ،
فلا حاجة إلى الخوض في تفسيره ، خاصة وأن ظاهر قوله : ( ويبعث وحده ) يدل على أنه
يقوم يوم القيامة من قبره إلى المحشر وحيدا ، لا يمشي في جماعة وأمة كما هو حال
سائر الأمم ، وهذا معنى غريب لم يثبت مثله في السنة .
والله أعلم .