إني متزوجة من رجل إذا غضب فإنه يقسو عليّ جداً ويضربني بل حتى إنني أنزف دماً جراء اعتدائه . فهل يجوز لي والحالة هذه أن أتصل بالشرطة لحمايتي؟.
الحمد لله.
أولا :
يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف ؛ لقوله تعالى : (وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا
وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء/19 ، وقوله صلى الله عليه وسلم
: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468) .
وقوله : (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) رواه
الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ولا يجوز له أن يضرب زوجته ضربا مبرحا يدميها ويؤذيها ، فإن هذا اعتداء وعدوان يأثم
به ، لأن الأصل حرمة المسلم : دمه ، وعرضه ، وماله ، وبشرته ، فلا يجوز ضربه إلا
فيما رخص فيه الشارع من الضرب غير المبرح إذا خيف نشوز المرأة ولم ينفع معها
الموعظة ولا الهجر .
وقد روى البخاري عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : (أَلَا تَدْرُونَ أَيُّ
يَوْمٍ هَذَا ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . فَقَالَ : أَلَيْسَ
بِيَوْمِ النَّحْرِ؟ قُلْنَا : بَلَى ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : أَيُّ بَلَدٍ
هَذَا؟ أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ ؟ قُلْنَا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ
، قَالَ : فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ
عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي
بَلَدِكُمْ هَذَا ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : اللَّهُمَّ
اشْهَدْ) .
وأبشاركم : جمع بشَرة ، وهي ظاهر جلد الإنسان .
ثانيا :
إذا استمر الزوج في ضرب زوجته على النحو المذكور جاز لها طلب الطلاق لرفع الضرر
الواقع عليها ، وجاز لها إبلاغ الشرطة لتحميها من اعتداء زوجها ، بأخذ تعهد عليه
بعدم الضرب ، وتهديده بالحبس إن فعل ، لكن نظرا إلى أن قوانين البلاد التي تعيشين
فيها قد تقضي بعقوبات لا تحل ، كمنع الزوج من دخول بيته أو الاقتراب منه ، أو الحكم
بالبيت للزوجة ، أو حبس الزوج مدة لا تتناسب مع جنايته ، فإننا لا نشير عليك بإبلاغ
الشرطة أولا ، بل ينبغي أن ترفعي أمرك إلى جهة إسلامية كالمنتدى الإسلامي بلندن ،
فلعل الله أن يجعل الصلح على أيديهم ، وأن يكون في رجوعك إليهم الخير والاستقرار ،
وقد يسدون إليك نصحا نافعا بشأن التعامل مع الشرطة والآثار المترتبة عليه .
وإذا استمر الزوج على حاله ، ولم ترغبي في الطلاق ، فلا حرج في إبلاغ الشرطة مع
تجنب إيقاع عقوبة جائرة ، ولو فرض أن حُكم لك بما لا يحق كمنعه من دخول المنزل ، لم
يجز لك العمل بهذا الحكم ، لأن حكم الحاكم - ولو مسلما - لا يحل حراما ، ولا يحرم
حلالا .
ونسأل الله تعالى أن يهدي زوجك ويصلح حاله ويجعل لكما من أمركما رشدا .
والله أعلم .