لا يجوز أخذ الأجرة على عسب الفحل
أسأل الله ان يغفر لك يا شيخ ولمن قام بهذه الجهود الجبارة في إحياء الموقع. السؤل هو : من المعلوم يا شيخ أنه ورد نهي عن بيع عسب الفحل لحديث ابن عمر وحديث جابر رضي الله عنهما.لكن يا شيخ ما حكم أخذ الأجرة على الحمل بحيث يقول لا آخذ منك مبلغا من المال على الضراب حتى تحمل البهيمه - أعزكم الله - أي يكون البيع مشروطا بالحمل ، فيكون العسب مشروطا بالحمل . ارجوا من سماحتكم التفصيل .
الجواب
الحمد لله.
تحرم أخذ الأجرة على ضراب الفحل أو عسْب الفحل ؛ للنهي الوارد في ذلك ، سواء اشترط
حمل البهيمة أو لم يُشترط ، لعموم النهي ، ووجود العلة في الحالتين .
روى البخاري (2284) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( نَهَى
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ ).
وروى مسلم (1565) عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال : ( نَهَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ
) .
والعلة في ذلك كما قال الحافظ في الفتح : "لِأَنَّهُ غَيْر مُتَقَوَّم وَلَا
مَعْلُوم وَلَا مَقْدُور عَلَى تَسْلِيمه".
ثم قال : " ثُمَّ النَّهْي عَنْ الشِّرَاء وَالْكِرَاء إِنَّمَا صَدَرَ لِمَا فِيهِ
مِنْ الْغَرَر ، وَأَمَّا عَارِيَة ذَلِكَ فَلَا خِلَاف فِي جَوَازه , فَإِنْ
أُهْدِيَ لِلْمُعِيرِ هَدِيَّة مِنْ الْمُسْتَعِير بِغَيْرِ شَرْط جَازَ .
وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيث أَنَس : ( أَنَّ رَجُلًا مِنْ كِلَاب سَأَلَ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَسْب الْفَحْل فَنَهَاهُ ,
فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّا نُطْرِق الْفَحْل فَنُكْرَم , فَرَخَّصَ لَهُ
فِي الْكَرَامَة ) " انتهى .
فالمنع لأجل أن هذا الماء غير متقوم ، وغير معلوم ، ولا يمكن صاحبه تسليمه ، وليس
المنع لكون البهيمة المطروقة قد تحمل وقد لا تحمل .
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/ 75) : " يوجد في منطقة باشوت شمران عدد كثير من
الأبقار التي لا تقل عن الألفين بقرة من الإناث، ولا يوجد لها ذكور، وعندما وجدنا
في هذه المنطقة ثور عند شخص، هذا الشخص عندما طلبنا منه الثور امتنع حتى من الأجرة
قائلا: إن الأجرة حرام في هذا الشيء، والسؤال هو: لو أخذ شخص ثورا وقام بتأجيره على
أصحاب الأبقار هل هذا حرام أم لا؟
الجواب : لا يجوز أخذ الأجرة على ضراب الفحل للبقر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم
(نهى عن بيع عسب الفحل) والعسب هو : ماؤه ، وفي هذه الحالة يمكن لأصحاب البقر أن
يشتروا ثورا ولو بالاشتراك لبقرهم " انتهى .
وفي "الموسوعة الفقهية" (30/ 94) : " اتفق الفقهاء على عدم جواز بيع عسب الفحل ؛
لما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
عسب الفحل . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
كسب الحجام ، وعن ثمن الكلب ، وعن عسب الفحل .
وعلل الكاساني النهي بأن عسب الفحل : ضرابه ، وهو عند العقد معدوم .
أما الإجارة فقد رأى جمهور الفقهاء : الحنفية ، وفي الأصح عند الشافعية ، وأصل مذهب
الحنابلة ، عدم جواز إجارة الفحل للضراب ، للأحاديث السابقة .
قال الكاساني : قد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى عن عسب الفحل ، ولا
يمكن حمل النهي على نفس العسب ، وهو الضراب ؛ لأن ذلك جائز بالإعارة ، فيحمل على
البيع والإجارة ، إلا أنه حذف ذلك وأضمره فيه كما في قوله تعالى : ( واسأل القرية
).
وقال المالكية ، وهو مقابل الأصح عند الشافعية : إنه يجوز إجارة الفحل للضراب ،
وقيد المالكية الجواز بما إذا كان الاستئجار لزمان معين كيوم أو يومين ، أو لمرات
معينة كمرتين أو ثلاث ، ولا يجوز استئجار الفحل للضراب إلى حمل الأنثى عند المالكية
.
وقال الحنابلة : إن احتاج إنسان إلى استئجار الفحل للضراب ، ولم يجد من يطرق له
مجانا ، جاز له أن يبذل الكراء ؛ لأنه بذل لتحصيل منفعة مباحة تدعو الحاجة إليها "
انتهى .
والله أعلم .