حكم زراعة الشعر الصناعي لمن أصيب بالثعلبة

20-07-2010

السؤال 150492

أنا شاب عمري 28 سنة و أنا مصاب بمرض الثعلبة مما أدى إلى تساقط شعري تماما منذ أن كان عمري 8 سنوات ، و منذ ذلك الحين و أنا أحقن بـحقن كورتيزون موضعية في جميع رأسي بشكل دوري مما يعطي تأثير مؤقت و بعدها يبدأ يتساقط في مناطق أخري في الرأس مع العلم أن هذه الحقن مؤلمة جدا ، و يستحيل أيضًا مع الثعلبة زراعة الشعر الطبيعي بأخذ بصيلات لأن المرض ليس مركزا في مكان معيَّن ، فهل يجوز لي زراعة شعر صناعي بنفس شكل ولون شعري الأصلي؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
تجوز زراعة الشعر لمن سقط شعره لمرض أو حادث ، لأن ذلك من باب إزالة العيب وردّ الأمر إلى ما خلق الله تعالى .
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثامنة عشرة في ( ماليزيا ) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ ،الموافق 9– 14تموز ( يوليو )2007م ، بشأن عمليات التجميل ، في بيان ما يجوز منه :
" يجوز شرعا إجراء الجراحة التجميلية الضرورية والحاجية التي يقصد منها :
أ- إعادة شكل أعضاء الجســـــم إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها لقوله سبحانه : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [العلق : 4 ].
ب- إعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم .
ج- إصلاح العيوب الخلقية مثل : الشفة المشقوقة ( الأرنبية ) واعوجاج الأنف الشديد والوحمات ، والزائد من الأصابع والأسنان والتصاق الأصابع إذا أدى وجودها إلى أذى مادي أو معنوي مؤثر .
د- إصلاح العيوب الطارئة ( المكتسبة ) من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها مثل : زراعة الجلد وترقيعه ، وإعادة تشكيل الثدي كلياً حالة استئصاله ، أو جزئياً إذا كان حجمه من الكبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية ، وزراعة الشعر حالة سقوطه خاصة للمرأة .
هـ إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً " انتهى .
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : تتم زراعة شعر المصاب بالصلع ، وذلك بأخذ شعر من خلف الرأس وزرعه في المكان المصاب ، فهل يجوز ذلك ؟
فأجاب : "نعم ، يجوز ؛ لأن هذا من باب ردّ ما خلق الله عز وجل ، ومن باب إزالة العيب ، وليس هو من باب التجميل أو الزيادة على ما خلق الله عز وجل ، فلا يكون من باب تغيير خلق الله ، بل هو من رد ما نقص وإزالة العيب ، ولا يخفى ما في قصة الثلاثة النفر الذي كان أحدهم أقرع وأخبر أنه يحب أن يرد الله عز وجل عليه شعره فمسحه الملك فردَّ الله عليه شعره فأعطي شعراً حسناً" انتهى من " فتاوى علماء البلد الحرام" ص (1185) .
والحديث الذي أشار إليه الشيخ رحمه الله رواه البخاري (3277) ومسلم (2964) .

ثانيا :
إذا لم تمكن زراعة الشعر الطبيعي كما هو الحال في السؤال ، فلا حرج في زراعة الشعر الصناعي بشرط أن يكون مصنوعا من مادة طاهرة ، وألا يترتب عليه ضرر يزيد على الضرر الحاصل .
وقد ذهب بعض الباحثين إلى تحريم زراعة الشعر الصناعي ، وعللوا ذلك بأنه شبيه بالوصل المحرم ، لأن الشعر الصناعي يبقى كما هو ولا ينمو ، وفيه تتحق بعض علل النهي كالتدليس وتغيير خلق الله ، ولما يترتب عليه من الضرر .
قال الدكتور صالح بن محمد الفوزان - بعد ذكر العلل السابقة - مبينا أن هذه الزراعة تستدعي " استعمال الأدوية المحتوية على الكورتيزون ، وهي مادة ضارة بالجسم ، وقد جاء الشرع بالنهي عن الإضرار بالنفس . لكن لو أمكن تلافي هذه الأضرار ، ولم يمكن إزالة الصلع إلا بهذه الوسيلة فقد يقال بجوازها بناء على ما ذكره بعض الفقهاء من جواز الوصل واستعمال الباروكة لمن أصيبت بالقرع ؛ لأنه من إزالة العيب وليس من طلب زيادة الحسن والجمال ، خاصة إذا ترتب على الصلع أذى نفسي لم يمكن إزالته إلا بزراعة الشعر الصناعي ، بشرط ألا يكون مصنعا من مواد نجسة " انتهى من بحوث الندوة الطبية بجامعة الإمام (1431هـ) ج 3 ص 2427 .

والذي يظهر- والله أعلم - عدم إلحاق هذه الزراعة بالوصل ؛ لعدم وجود ما يوصل به ، إذ الكلام فيمن سقط شعره بالكلية .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " عمن أخذت أدوية فأدت إلى تساقط شعر رأسها أو معظمه ولا تريد استعمال الباروكة لأنها ترى أنها حرام ، فأجاب :
" استعمال الباروكة بمثل هذا الحال الذي وصفته ، حيث تساقط شعرها على وجه لا يرجى معه أن يعود ، نقول : إن الباروكة في مثل هذه الحال لا بأس بها ، لأنها في الحقيقة ليست لإضافة تجميل ، ولكنها لإزالة عيب ، وعلى هذا فلا تكون من باب الوصل الذي لعن النبي صلي الله عليه وسلم فاعله ، فقد (لعن الواصلة والمستوصلة) والواصلة هي التي تصل شعرها بشيء ، لكن هذه المرأة في الحقيقة لا تشبه الواصلة ، لأنها لا تريد أن تضيف تجميلاً ، أو زيادة إلى شعرها الذي خلقة الله تبارك وتعالى لها ، وإنما تريد أن تزيل عيباً حدث ، وهذا لا بأس به ، لأنه من باب إزالة العيب ، لا إضافة التجميل ، وبين المسألتين فرق" انتهى من "فتاوى نور على الدرب"، الشريط رقم (3).

وينظر جواب السؤال رقم : (141074) .

والله أعلم .

الطب والتداوي
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب