حُكم على زوجها بالسجن المؤبَّد فهل من حقها طلب الطلاق ؟

22-06-2010

السؤال 150964

حُكم على زوجي بالسجن مدى الحياة ، وفرص خروجه منه ضئيلة جدّاً ، وقد مضى على دخوله خمس سنوات ، وقد سُجن بعد زواجنا بسنة واحدة فقط ، وها أنذا قد رُزقت منه بمولودة ، إنني ما زلت صغيرة في العمر وأشعر بالقلق والاضطراب لكوني وحيدة دون زوج إلى أجل غير مسمى ، إنني أراعي مشاعره ولا أريد أن أجرحها لأنه رجل مسلم ، ولكن بالمقابل أنا بشر وأشعر بما يشعر به البشر بل أنني في بعض الأحيان أقع في بعض المعاصي بسبب الوحدة والغريزة ، فما هي نصيحة العلماء لي ؟ هل يجوز لي أن أطلب منه الطلاق ؟ أم أن أجري عند الله أكبر إن أنا صبرت ؟ وهل يجوز لي أن أهاجر إلى بلد الإسلام بمفردي؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
نعم ، يجوز للمرأة إذا حُبس زوجها ، وتضررت بترك المعاشرة الزوجية ، أو بترك النفقة أن تطلب الطلاق .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 29 / 66 ، 67 ) :
"ذهب المالكية إلى جواز التفريق على المحبوس إذا طلبت زوجته ذلك وادعت الضرر ، وذلك بعد سنة من حبسه ، لأن الحبس غياب ، وهم يقولون بالتفريق للغيبة مع عدم العذر ، كما يقولون بها مع العذر على سواء" انتهى .
وجاء في " الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني " ( 3 / 1026 ) :
"قال الأجهوري في " شرح خليل " : وإذا جاز لها التطليق بعدم النفقة : فإنه يجوز لها إذا خشيت على نفسها الزنا بالأولى ؛ لشدة ضرر ترك الوطء الناشئ عنه الزنا" انتهى .
وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، حيث قال :
"وحصول الضرر للزوجة بترك الوطء مقتض للفسخ بكل حال ، سواء كان بقصد من الزوج أو بغير قصد ، ولو مع قدرته أو عجزه ، كالنفقة ، وأولى من الفسخ بتعذره في الإيلاء إجماعاً .
وعلى هذا : فالقول في امرأة الأسير والمحبوس ونحوهما ممن تعذر انتفاع امرأته به إذا طلبت فُرقته : كالقول في امرأة المفقود ، كما قاله أبو محمد المقدسي" انتهى .
" الفتاوى الكبرى " ( 5 / 481 ، 482 ) .
يعني : كما أن امرأة المفقود تتضرر بفقدان زوجها ولها حق طلب الفُرقة : فكذلك الأسير والمسجون الذي يُعلم طول غيابه بسجنه .
والذي ننصحك به ما دمت لا تتحملين غياب زوجك وتقعين بسبب ذلك في بعض المعاصي : أن تطلبي الطلاق ـ وذلك وإن كان يجرح مشاعر زوجك ـ إلا أنك تفعلين ذلك لدفع الضرر عن نفسك ، وهو ما يجيزه لك الشرع ، بل قد يكون واجباً إذا لم يمكنك الامتناع عن تلك المعاصي التي تفعلينها إلا بذلك .
فإن طلقك زوجك باختياره فقد حصل المقصود ، وإن لم يفعل فارفعي أمرك إلى المركز الإسلامي في مدينتك وهم يتولون النظر في هذه القضية .
وذلك لأن التفريق بين الزوجين بسبب الغيبة لابد فيه من قضاء القاضي ، أو التراضي بين الزوجين .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 29 / 64 ) :
"اتفق الفقهاء القائلون بالتفريق للغيبة على أنه لا بد فيها من قضاء القاضي ؛ لأنها فصل مجتهد فيه ، فلا تنفذ بغير قضاء" انتهى .
والمراكز الإسلامية تقوم بعمل القاضي المسلم في البلاد غير الإسلامية .
قال الشيخ عمر الأشقر حفظه الله :
"إذا زال سلطان المسلمين ، أو كانت المرأة في موضع ليس فيه للمسلمين سلطان ولا ولي لها مطلقا ، كالمسلمين في أمريكا وغيرها : فإن كان يوجد في تلك البلاد مؤسسات إسلامية تقوم على رعاية شؤون المسلمين : فإنها تقوم بتزويجها ، وكذلك إن وجد للمسلمين أمير مطاع أو مسؤول يرعى شؤونهم" انتهى .
" الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني " ( ص 70 ) .

ثانياً :
أما هجرتك بمفردك إلى إحدى الدول الإسلامية ، فيجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم للضرورة، ومن ذلك : أن يكون سفرها للهجرة إلى بلد إسلامي ، حتى تتمكن من إقامة دينها .
لكن ينبغي التمهل في اتخاذ مثل هذا القرار ، مع الاستخارة والاستشارة حتى تختاري البلد الذي ستسافرين إليه ، ويكون هناك أخوات مسلمات في انتظارك ، وتقيمين معهن في مكان آمن ، وتتعلمين منهن أحكام الإسلام .
وانظري لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (122630) .
ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد .
والله أعلم.

الطلاق
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب