الحمد لله.
وهذا الحديث قد ينطبق على بعض مراسلي وكالات الأنباء، فإن بعضهم يزيد مع الخبر الصادق مائة كذبة ، فما هي إلا لحظات حتى يصبح الخبر في مشارق الأرض ومغاربها .
ثانياً : ليس كل خبر صحيح ينشر ، فكثير من الأخبار لا
يصح نشرها على عامة الناس ، قال تعالى مبينا خطأ هذا المسلك: ( وَإِذَا جَاءَهُمْ
أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى
الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ
لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: " هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق
، وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة مما يتعلق بالأمن
وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة
ذلك الخبر ، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ، أهلِ الرأي والعلم والنصح
والعقل والرزانة ، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها .
فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك
، وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته ، لم يذيعوه
، ولهذا قال : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) أي: يستخرجونه
بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة ". انتهى " تفسير السعدي" (1/190).
ثالثاً : تجنب نشر أخبار الفضائح ، فمنهج الشريعة قائم على الستر على المسلمين ، لا
نشر أخطائهم وفظائعهم والتشهير بها على الملأ.
وفي الحديث الصحيح : (وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ) رواه البخاري (2262) ، ومسلم (4677) .
ومثل ذلك يقال في أخبار الفواحش والمنكرات والجرائم .
فما الفائدة التي سيجنيها المسلم من اطلاعه على أخبار الجرائم ، وحوادث القتل
والنهب والخطف ، والفضائح الأخلاقية والاعتداء على الأعراض والحرمات !!
بل إن كثرة نشر مثل هذه الأخبار مدعاة لتطبيعها في نفوس الناس وإلفهم لها ، وزوال
النفرة عنها من نفوسهم ، بسبب كثرة تردادها على أسماعهم ، فضلا عما في ذلك من نشر
معايب المسلمين على الملأ .
قال الحافظ ابن رجب: " قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمرُ بالمعروف : اجتهد أن
تستُرَ العُصَاةَ ، فإنَّ ظهورَ معاصيهم عيبٌ في أهل الإسلام ". انتهى ، جامع
العلوم والحكم (1/340).
رابعاً : تجنب نشر ما لا ينفع الأمة من الأخبار
التافهة كأخبار الساقطين والساقطات من الممثلين والممثلات ، ونحوها من التوافه التي
لا تنفع المسلم في دينه ولا دنياه.
والأولى التركيز على أخبار العالم الإسلامي مما يهم المسلمين معرفته .
خامساً : عدم نشر صور النساء بأي حال من الأحوال.
سادساً : أن تكون المقالات المنشورة في الصحيفة هادفة ، تركز على علاج مشاكل الأمة في جانب التوحيد ، أو الأخلاق والسلوك ، أو المشاكل الاجتماعية العامة ... وغيرها .
سابعاً : تجنب الأخبار التي تثير النعرات والعصبيات
بين الشعوب والدول .
والله أعلم