قرأت في أحد المنتديات أن
طريقة عجيبة تستخدم لطرد النمل ، فعندما يقتحم النمل منزلك من الممكن مخاطبته :
" ... ذكر لنا أحد أقربائنا أنه اطلع على عبارات تخاطب فيها النمل ليخرج من منزلك ،
وذكر لنا أن نكرر هذه العبارة 3 مرات مع النفخ بصورة خفيفة على مكان خط سير النمل ،
وهي :
" يا نملة يا بنت النمال ، أخرجي من بيتي في الحال ، وإلا أرسلت عليك جنود سليمان "
.
طبعاً لم أستوعب في بداية الأمر أن يكون لهذه الكلمات تأثير ما ، ولكن أعطيت نفسي -
التي تتألم لاضطرارها في بعض المرات لقتل مملكة نمل كاملة - فرصة للتجربة فهي خير
برهان ، جربت مخاطبتها وكلما أمر على المكان أعيد الكلمات عليها ، فرأيت أن النمل
يتضاءل قليلاً قليلاً ، وفي اليوم الثاني يختفي لا أثر لوجوده نهائيّاً ( وللأمانة
قد أجد 3 أو 4 نملات فأعيد عليهم الخطاب ) .
لم أنقل هذه التجربة إلا بعد قيامي بها عشرات المرات والحمد لله تعالى لم أستعمل
منذ 3 سنوات أي مبيد حشري مع النمل .
والله جل وعلا على ما أقول شهيد .
اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، واجعلنا نعمل بما نقول
؛ لكم خالص دعائي ونلتمس منكم الدعاء " !!
فهل هذا الكلام صحيح ، وهل لهذه الطريقة أصل ؟
الحمد لله.
هذه القصة المنتشرة في مواقع الإنترنت والتي جاء ذِكرها في السؤال ، مما يُزعم أنها
طريقة مجربة لإخراج النمل من البيوت : بادية عليها آثار الخرافة ! ولنا عليها
تعليقات :
أولاً: الحديث مع الحيوانات وفهم كلامها ليس لآحاد الناس ، بل هو آية من آيات الله
تعالى وهبها الله تعالى لأنبيائه داود وسليمان ومحمد عليهم الصلاة والسلام .
قال تعالى ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ
الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) النمل/ 16 .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقوله ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ
كُلِّ شَيْءٍ ) ، أي : أخبر سليمان بنعَم الله عليه فيما وهبه له من الملك التام ،
والتمكين العظيم ، حتى إنه سَخَّر له الإنس والجن والطير ، وكان يعرف لغة الطير
والحيوان أيضاً ، وهذا شيء لم يُعطَه أحد من البشر - فيما علمناه - مما أخبر الله
به ورسوله ... .
ولكن الله سبحانه وتعالى كان قد أفهم سليمان عليه السلام ما يتخاطب به الطيور في
الهواء ، وما تنطق به الحيوانات على اختلاف أصنافها ، ولهذا قال : ( عُلِّمْنَا
مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) أي : مما يحتاج إليه الملك .
( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) أي : الظاهر البيِّن لله علينا .
" تفسير ابن كثير " ( 6 / 182 ) .
ثانياً: قولهم في مخاطبة
النمل " يا نملة يا بنت النمال ، أخرجي من بيتي في الحال ، وإلا أرسلت عليك جنود
سليمان " : فيه كذب واضح ! فمن أين للقائل جنود سليمان ليرسلها على النمل ؟! وإن من
جنود سليمان الجن والطير كما قال تعالى ( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ
الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) النمل/ 17 ، وهذا من الملك
الذي لا ينبغي لأحد بعد سليمان عليه السلام ، كما قال تعالى ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ
لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ
الْوَهَّابُ ) ص/ 35 ، فمن أين لهذا القائل هذا الملك وهذه الجنود التي اختص الله
تعالى بها سليمان عليه السلام ؟! .
ثالثاً: ولا يصح قياس هذا
الفعل على التحريج على الحيات ؛ فإن ذلك كان في وقت خاص وفي بقعة خاصة ، حيث أخبر
النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الممكن أن تكون تلك الحيات من الجن الذي أسلموا في
ذلك الوقت .
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ قَدْ أَسْلَمُوا فَمَنْ رَأَى
شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعَوَامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلاَثًا فَإِنْ بَدَا لَهُ
بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ ) .
رواه مسلم ( 2236 ) .
ولينظر – في شرح الحديث – جواب السؤال رقم (
40703 ) .
وبما ذكرناه يتبين للجميع
أنه لا يجوز للمسلم العاقل أن يصنع مثل ما جاء في السؤال ، والنمل في البيوت يُدفع
بما تيسر من الطرق دون قتله ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فإن لم يندفع
إلا بالقتل جاز قتله بالمبيدات وغيرها ، دون الحرق ، ولينظر جواب السؤال رقم (
3005 ) .
والله أعلم