هل تجوز الصلاة خلف من يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ويبتدع في الدين ؟
المسجد الذي في حيّنا معروف بأنه مسجد صوفي ؛ لأنهم يجهرون بالدعاء عقب كل صلاة ، وقد اكتشفنا أيضاً أن لهم اجتماعات خاصة حيث يتوسلون فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فهل تجوز الصلاة خلفهم ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
كون أهل المسجد يجهرون بالدعاء عقب كل صلاة لا يعني أنهم من الصوفية ، فقد يكونون
يفعلون ذلك جهلاً بالسنة ، أو تقليداً لمن أجاز ذلك من العلماء ، وليس هذا الفعل
شعاراً للصوفية ، بحيث لا يفعله غيرهم .
ولكن قد يقوي الظن أنهم من الصوفية تلك الاجتماعات الخاصة وتوسلهم بالنبي صلى الله
عليه وسلم .
والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم على نوعين :
الأول :
التوسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذاته ، بدعائه والاستغاثة به ، والاستعانة به
، وهذا شرك أكبر ، لأنه عبادة للنبي صلى الله عليه وسلم .
النوع الثاني :
التوسل إلى الله تعالى بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو جاهه كمن يقول : اللهم
بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ... وبحق النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ .
وهذا النوع بدعة ، وليس شركاً .
فالذي ينبغي هو تعليم هؤلاء برفق ودلالتهم على الخير والسنة وتحذيرهم من الشر
والبدعة ،
فإن استجابوا فالحمد لله ، وإن لم يستجيبوا فالذي ينبغي للمسلم أن يصلي خلف إمام من
أهل السنة ، في مسجد يكون أهله حريصين على اتباع السنة ، فإن لم يمكن ذلك ، بأن لم
يوجد مسجد آخر تصلون فيه ، فالصلاة خلف هؤلاء صحيحة ، وهي أولى بلا شك من ترك صلاة
الجماعة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الواجب على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين أن يصلي معهم الجمعة
والجماعة ويوالي المؤمنين ولا يعاديهم ، وإن رأى بعضهم ضالا أو غاويا وأمكن أن
يهديه ويرشده فعل ذلك ، وإلا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وإذا كان قادرا على أن
يولي في إمامة المسلمين الأفضل ولاه ، وإن قدر أن يمنع من يظهر البدع والفجور منعه
، وإن لم يقدر على ذلك فالصلاة خلف الأعلم بكتاب الله وسنة نبيه الأسبق إلى طاعة
الله ورسوله أفضل ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( يؤم
القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا
في السنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ) وإن كان في
هجره لمظهر البدعة والفجور مصلحة راجحة هجره كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم
الثلاثة الذين خُلِّفوا حتى تاب الله عليهم ، وأما إذا وُلِّي غيره بغير إذنه وليس
في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية كان تفويت هذه الجمعة والجماعة جهلا وضلالا وكان قد
رد بدعة ببدعة " انتهى من " مجموع الفتاوى " (3 / 286) .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (7/353) : " وأما الصلاة خلف المبتدعة : فإن كانت
بدعتهم شركية كدعائهم غير الله ونذرهم لغير الله واعتقادهم في مشايخهم ما لا يكون
إلا لله من كمال العلم ، أو العلم بالمغيبات ، أو التأثير في الكونيات ، فلا تصح
الصلاة خلفهم .
وإن كانت بدعتهم غير شركية ؛ كالذكر بما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن مع
الاجتماع والترنحات ، فالصلاة وراءهم صحيحة ، إلا أنه ينبغي للمسلم أن يتحرى لصلاته
إماما غير مبتدع ؛ ليكون ذلك أعظم لأجره وأبعد عن المنكر " انتهى .
واجتهدوا أن تؤسسوا مسجداً على تقوى الله ، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
ونشرها بين الناس .
والله أعلم .