تسأل عن حكم تعليم الطالبات الشعر والأدب
أعمل معلِّمة صفوف أولية في مدرسة أهلية ، وتبنت هذه المدرسة نظاماً تعليميّاً وأنشطة خارجية كتعليم الطالبات التذوق الأدبي وتأليف القصص وتكثيف الجانب اللغوي ، وعندما تصل الطالبة للصف الثالث يضاف للأنشطة نشاط تأليف الشعر وتتعلم فيه الكتابة ووصف الطبيعة ومواضيع عامة مثل ( فضل الأم ، القدس ، اليتيم ، وهكذا ) .
وأنا أخشى أن أكون علَّمتُ الطالبات مبدأ كتابة الشعر ولا أستطيع أن أتنبأ بما ستكتبه طالباتي في المستقبل إذا كبرن ، وكما قال تعالى ( والشعراء يتبعهم الغاوون ... ) فأشاركهم الذنب .
أرجوكم دلوني : هل في تعليمهم الشعر وِزر أو ذنب عليَّ ؟ . جزيتم خيراً .
مع ملاحظة أني من أقوم بوضع المنهج ، وهو مرن وغير ثابت ، وبإمكاني إقناع المدْرسة بالتغيير ، ولكنني أرغب في صقل مواهب الطالبات مع تحرجي الشديد من الذنب .
الجواب
الحمد لله.
قد كان السابقون من هذه الأمة يرسلون أبناءهم صغاراً إلى البادية لأجل تحصيل فوائد
عديدة ، منها ما يتعلق بالتعود على الخشونة وتعلم مكارم الأخلاق ، ومنها ما يتعلق
بتقويم اللسان ليتعود سماع اللغة العربية من منبعها الأصلي ، فيتعلم الفصاحة وينطق
بالبلاغة .
ليس هناك مانع من استثمار النشاطات المدرسية في تعليم الصغار لغة العرب ، كتابة ،
ونطقاً ، ويدخل فيه تعلم النحو والبلاغة والشعر ، والمهم في ذلك حسن التوجيه من
قبَل المعلِّمين والمعلِّمات .
وقد كان العرب يرسلون أطفالهم إلى البادية وهم صغار لعدة مصالح ، منها : تعلم اللغة
العربية من منبعها الصافي ، وذلك لأن الغالب على أهل البوادي التمسك بلغتهم ، بخلاف
أهل المدن ، فقد يتغير لسانهم نتيجة لمخالطتهم غيرهم من الناس .
وتعلم اللغة العربية هو الطريق لفهم نصوص القرآن والسنَّة وكلام أهل العلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"الطريق الحسن : اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب
فيظهر شعار الإسلام وأهله ، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب
والسنة وكلام السلف ، بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب عليه
.
واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدِّين تأثيراً قويّاً بيِّناً ،
ويؤثر أيضاً في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقل
والدِّين والخُلُق .
وأيضاً : فإن نفس اللغة العربية من الدِّين ، ومعرفتها فرض واجب ؛ فإن فهم الكتاب
والسنة فرض ، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
، ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية" انتهى .
" اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص 206 ، 207 ) .
وعند تعليم الطلاب الشعر فلتكن المادة هي الشعر الإسلامي ، وهناك مواد وفيرة في هذا
الفن تُكسب المتعلم أخلاقاً وآداباً ، وتعلِّمه الفصاحة والبلاغة ، فيجمع المعلم
والمعلمة بين الأمرين في سياق واحد .
ولا بد من تحذير الطالبات من الشعر الماجن والغزل ونحوه .
وحثهن على تنمية مهاراتهم الشعرية في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته ، وحث
الناس على حسن الأخلاق وغير ذلك من المعاني الجليلة .
فالعمل الذي تقومين به عمل صالح نافع إن شاء الله تعالى ، فأخلصي النية لله ، والله
تعالى هو الموفق .
والله أعلم