أعد مالا للهجرة ، وأقسم أن يتصدق به إذا وقع في الذنب !!

12-12-2010

السؤال 153613

أنا والحمد لله مسلم ، أقيم حاليا في أرض الكفر ، وقد ولدت ونشأت بالغرب ، ونويت مؤخرا الهجرة لأرض الإسلام والمسلمين ، وسبحان الله وله الحمد فقد تمكنت من تدبير المال اللازم لرحلتي ؛ والمشكلة التى أواجهها ، والتي أدعو الله أن تساعدوني فيها ، هي أني أعاني من ذنب ما ، وكلما اقترفته أندم وأتوب ، لكني دائما ما أعود إليه ، وشكل هذا مشكلة كبيرة لي ، وحتى أتمكن من التوقف عن هذا الذنب أقسمت يمينا من شدة إحباطى ، وقلت : "والله إذا اقترفت هذا الذنب مجددا فإنى سأنفق المال الذى جمعته للهجرة صدقة ، ولن أدفع كفارة اليمين". (بمعنى أني حتى لو كان أمامي فرصة دفع الكفارة ، فإني لن أدفعها لأجبر نفسي على دفع المال الذى جمعته ) . لكني ومن غبائي وحمقى فإني اقترفت الذنب ثانية ، فماذا أفعل ؟ هل يجب علي أن أنفق المال وأبدأ في جمعه مجددا ، أم إنه يجوز لي أن أتوب عن أخطائي وأبدأ في الاستعداد للهجرة فى سبيل الله (سبحانه وتعالى)؟ وبارك الله فيكم وجزاكم خيرا

الجواب

الحمد لله.


قد أحسنت صنعا إذ نويت الارتحال من تلك البلاد والهجرة إلى بلاد الإسلام .
وحيث إنك قدرت عليه بجمعك المال اللازم للسفر ، لكنك أقسمت اليمين الذي أقسمت ، تريد منع نفسك من معاودة ذلك الذنب ، إلا أن نفسك غلبتك فعدت فيه : فيلزمك الاستمرار في مشروع الهجرة ، ولا يقعد بك يمينك الذي حلفت ؛ فإن المشروع في حق من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه .
ولا شك أن مصلحة الهجرة وما يترتب عليها من خير وبعد عن الفتن وأصحابها مقدمة على مضرة الحنث في اليمين .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" وَالشَّارِعُ يَعْتَبِرُ الْمَفَاسِدَ وَالْمَصَالِحَ ، فَإِذَا اجْتَمَعَا قَدَّمَ الْمَصْلَحَةَ الرَّاجِحَةَ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْمَرْجُوحَةِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (24 /269)

وقد روى البخاري (6718) ومسلم (1649) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ أَرَى خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ) .
وروى مسلم (1650) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ) .
قال النووي رحمه الله :
" فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث : دَلَالَة عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْل شَيْء أَوْ تَرْكه , وَكَانَ الْحِنْث خَيْرًا مِنْ التَّمَادِي عَلَى الْيَمِين , اُسْتُحِبَّ لَهُ الْحِنْث , وَتَلْزَمهُ الْكَفَّارَة وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ " انتهى .

فبادر بالخروج منها إلى بلاد الإسلام ، فهذا أنفع لك ، وأعظم لاستقامتك على الطريق من إلزام نفسك بالأيمان التي لم تتمكن من حفظها والالتزام بمقتضاها .
وعليك بالصدق في التوبة ، والإقبال على الله ، وحسن الظن به ، وتجديد العهد بالرجوع إليه ، ولا يخيب رجاء فيه ، لو حسن الرجاء ، فلا تيأس من روح الله ، ولا تقنط من رحمة الله ، وشمر عن ساعد الجد ، وأقبل على ربك بقلب خائف راج .. سيصدق اليوم .
وتذكر قول الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ) الزمر / 53 – 54

وعليك كفارة يمين عن يمينك الذي حلفت ، واستمر في أمر الهجرة ، وأنفق ما لديك من مال في السعي للخروج من تلك البلاد إلى بلاد الإسلام بسلام ، والله يوفقك ويسددك ويتوب عليك.
والله تعالى أعلم .

راجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (23491) ، (45889) ، (87962)

الأيمان والنذور الجهاد والهجرة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب