الحمد لله.
وجاء في بعض الأحاديث بيان الحكمة من ضرورة استعمال
اليمين ، كما في الأكل والشرب ؛ فروى مسلم (2020) عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ
فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ ؛ فَإِنَّ
الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ )
وروى مسلم أيضا (2019) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ فَإِنَّ
الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ )
وغالب أحوال الناس استعمال اليمين في الأكل والشرب
والكتابة وغير ذلك ، ومن كان منهم قد اعتاد الأكل بالشمال أو الكتابة بالشمال ، أو
كانت تلك طبيعته الوراثية – كما يقول السائل – فإنه يروّض على استعمال اليمين بدل
الشمال ؛ طواعية لله ورسوله ، ومحبة لمحبوب الشرع ومرغوبة ومطلوبة وإن كان فيه بعض
المشقة ؛ فإن لم يمكنه أن يستعمل اليمين في كل ما كان من باب التكريم ، كما سبق في
القاعدة الشرعية ، فإنه يكتفي بالتيامن فيما ورد في الشرع الأمر فيه باليمين ،
كالأكل ، والشرب ، والطهور ، وهي أمور يمكن التغلب فيها على الطبع والعادة ، لا
سيما مع تكرر المحاولات ، وترويض النفس ، إلى أن يسهل عليها ذلك ، وما عدا ذلك ،
فالأمر فيه واسع إن شاء الله ، فمن عجز عن التيامن فيه ، لعذر أو مرض ، أو نحوه ،
لا حرج عليه إن شاء الله .
قال الموّاق في "التاج والإكليل" (1/403) :
" وَالضَّابِطُ أَنَّ الْفِعْلَ إنْ اُسْتُعْمِلَتْ فِيهِ الْجَارِحَتَانِ
قُدِّمَتْ الْيُمْنَى فِي فِعْلِ الرَّاجِحِ , وَالشِّمَالُ فِي فِعْلِ
الْمَرْجُوحِ , وَهَذَا إنْ تَيَسَّرَ , فَإِنْ شِقَّ تُرِكَ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأكل باليد اليسرى بعذر لا بأس به ، أما لغير عذر فهو حرام ؛ لأن النبي صلى الله
عليه وسلم نهى عنه وقال : ( إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) ، وقد قال الله
تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ
وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ ) النور/21 انتهى من"لقاء الباب المفتوح" (4 /59)
والله أعلم .
راجع للاستزادة إجابة السؤال رقم : (82120)