زوجته لا تطيعه ونصحها وهجرها ولم ينفع الأمر معها ، فهل يأثم إذا طلَّقها ؟
أنا أعيش حالة ميؤوس منها مع زوجتي ؛ إذ إنها لا تقبل بأي شيء أقوله لها ، وقد عملتُ بما شرع الله ، حاولتُ التنبيه والوعظ ، وجربت أن أهجرها ، وهددتها بالطلاق ، ولكن دون جدوى ، وفي آخر المطاف رميت عليها الطلاق .
هل أنا مذنب أم لا ؟ ولماذا ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
لا خلاف بين أحدٍ من أهل العلم على وجوب طاعة المرأة لزوجها ، وتحريم نشوزها على
زوجها إذا أمرها بما تستطيعه من المباح .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 41 / 313 ) :
اتفق الفقهاء على أن طاعة الزوج واجبة على الزوجة ، لقوله تعالى : ( الرِّجَال
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّل اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/ 34 ، ولقوله تعالى : ( وَلَهُنَّ
مِثْل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَال عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ )
البقرة/ 228 ، واتفقوا كذلك على أن وجوب طاعة الزوجة زوجها مقيدة بأن لا تكون في
معصية لله تعالى ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لقوله صلى الله عليه وسلم
: ( لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل ) – رواه أحمد
بإسناد صحيح – " . انتهى .
وحق الزوج على زوجته عظيم ، وطاعته تقدَّم حتى على طاعة والديها ، كما سبق بيان ذلك
في جواب السؤال رقم : ( 43123 ) فلينظر .
لذا فإن كان هناك إثم وذنب فهو على الزوجة التي لم تطعك ، وأما أنت فقد بذلت وسعك
وعملت بما أمرك به ربُّك تعالى من الوعظ والهجر .
ثانياً:
الطلاق الذي صدر منك لستَ آثماً فيه ، فالشريعة وإن كانت ترغب ببناء الأسرة وتوثيق
العلاقة بين الزوجين : إلا أن هذا لا يعني المنع من الطلاق ، بل قد يكون في الطلاق
نهاية آلام وفتح باب آمال للطرفين أو لأحدهما ، قال تعالى : ( وَإِن يَتَفَرَّقَا
يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً ) النساء/
130 .
ونرجو أن تكون هذه الطلقة الأولى أو الثانية ؛ ليكون مجال للزوجة أن تراجع نفسها ،
وتعلم ما يمكن أن يسبِّبه لها الطلاق فترجع عن غيِّها وتستجيب لأمر ربِّها فتطيع
زوجها ، فإن كان الأمر كذلك : فأعطها فرصة لعلَّها تعقل فتطيعك ، واجعل بينكما
حكَماً من أهلك وآخر من أهلها للإصلاح بينكما إن رأيتَ منها إصراراً على موقفها ،
فإن أبت إلا الإصرار على موقفها ، أو لم يُكتب النجاح لسعي الحكميْن : فليس أمامك
إلا البت بطلاقها ، وعسى الله أن يعوِّضك خيراً منها ، وعسى الله أن يهديها ويصلح
بالها ، ولستَ آثماً في تطليقك سواء في أول مرة أو في آخرها .
قال القرطبي – رحمه الله - :
" فدل الكتاب والسنَّة وإجماع الأمة : على أن الطلاق مباح غير محظور ، قال ابن
المنذر : وليس في المنع منه خبر يثبت " . انتهى من " تفسير القرطبي " ( 3 / 126 ) .
وانظر – للفائدة – جواب السؤال رقم : ( 96103
) .
والله أعلم .