الحمد لله.
أولاً :
لا بد من التفريق بين مقطوع الذيل ومقطوع الإلية من الأضاحي ، فإن قطع الذيل لا
يؤثر على صحة الأضحية ، بخلاف قطع الإلية ، على أرجح أقوال العلماء .
قال ابن قدامة المقدسي : " وَتُجْزِئُ الْبَتْرَاءُ ، وَهِيَ الَّتِي لَا ذَنَبَ
لَهَا ، سَوَاءٌ كَانَ خِلْقَةً ، أَوْ مَقْطُوعًا ...لأَنَّ هَذَا نَقْصٌ لَا
يَنْقُصُ اللَّحْمَ ، وَلَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ ، وَلَمْ يَرِدْ بِهِ نَهْيٌ ".
انتهى " المغني " (13/372) بتصرف .
وقال : " وَلَا تُجْزِئُ مَا قُطِعَ مِنْهَا عُضْوٌ ، كَالْأَلْيَةِ ". انتهى ، "
المغني " (13/371) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " البتراء التي لا ذنب لها خلقة أو مقطوعاً : تُجزئ ... ،
أما مقطوع الإلية فإنه لا يُجزئ ؛ لأن الإلية ذات قيمة ، ومرادة مقصودة .
وعلى هذا فالضأن إذا قطعت إليته لا يجزئ ، والمعز إذا قطع ذنبه يجزئ ". انتهى ، "
الشرح الممتع " (7/435).
وقال أيضاً : " فأما مجبوبة الإلية فقد قال العلماء : إنها لا تجزئ ؛ لأن الإلية
عضو نافع مقصود ، بخلاف الذيل في المعز والبقر والإبل ، فإنه غير مقصود ، فلهذا
يقطع ويرمى به ، ومثل ذلك ذيل الغنم الأسترالية فإنه ليس كالإلية ، وإنما هو كالذيل
من البقر ، ليس فيه شيء مقصود ، فتجزئ الأضحية في الغنم الأسترالية ؛ لأن ذيلها
المقطوع لا يساوي شيئاً ". انتهى ، "جلسات الحج" ص 108.
وقد سبق نقل فتوى اللجنة الدائمة في عدم جواز التضحية بمقطوع الإلية ، في جواب
السؤال (37039).
ثانياً :
الواجب عليك الاجتهاد في البحث عن أضحية غير مقطوعة الإلية ، ولا يجزؤك التضحية
بشاة مقطوعة الإلية ما دام بالإمكان الحصول على شاةٍ سليمة من كل العيوب .
فإن لم تتمكن من الحصول على شاة سليمة ، فالمشروع هنا الانتقال إلى نوع آخر من
بهيمة الأنعام التي تجزئ في الأضاحي ، فتتركوا هذه الشياه المعيبة ، وتضحون بالماعز
، إن وجدتموه سليما من العيوب , أو تضحون بالبقر (ومثله الجاموس) ، أو الإبل ؛
فيشترك كل سبعة منكم في بقرة ، أو ناقة ، ومن شاء أن يتطوع فيذبح بقرة ، أو ناقة
بمفرده ، فله ذلك ، وإن اشترك أقل من سبعة فيها فلهم ذلك ، لكن لا يشترك أكثر من
سبعة في بقرة أو ناقة واحدة .
أما إذا تعذر الحصول على شاة غير مقطوعة الإلية ، لكون جميع الشياه المتوفرة في
البلد هي بهذا الوصف ، ولم يمكنكم أن تذبحوا غيرها من بهيمة الأنعام ـ على ما سبق
بيانه ـ فالذي يظهر في هذه الحال إجزاء التضحية بها ، خاصة إذا كان أصحاب الغنم
يفعلون بها ذلك لأجل مصلحتها ، ولا يعدون ذلك عيبا ينقص من قدرها ؛ لأن القول
بالمنع في هذه الحال سيترتب عليه تعطيل شعيرة من شعائر الإسلام .
ومصلحة إظهار شعيرة الأضحية أعظم من مفسدة التضحية بأضحية معيبة ، والقاعدة
المقرَّرة عند العلماء : " الميسور لا يسقط بالمعسور ".
أي إن الشيء الذي لا يتيسر
فعله على الوجه المطلوب ، بل يتيسر فعل بعضه ، لا يسقط ، بل يفعل منه المقدور عليه
.
وهذه القاعدة مستنبطة من قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ
، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، رواه البخاري (7288) ، ومسلم (1337) ،
وينظر: " الأشباه والنظائر" للسيوطي ص 159.
وقال العز بن عبد السلام : " "من كُلّف بشيء من الطاعات فقدر على بعضه ، وعجز عن
بعضه ، فإنه يأتي بما قدر عليه ، ويسقط عنه ما عجز عنه". انتهى ، " قواعد الأحكام"
(2/7).
والله أعلم .