معلوم أن العسل شفاء ، وأنا شخص أعاني من بعض الأعراض الجانبية لبعض الأدوية الكيماوية ، لذلك أريد أن أتناول العسل لعلاج هذه الأعراض ، فما هي النسبة التي ينبغي عليّ تناولها ، ولمدة كم ، وكم مرة في اليوم ، أرجو التوضيح ؛ لأن الأمر مهم جداً بالنسبة لي.. كما أرجو ذكر الدليل من الكتاب والسنة ..
الحمد لله.
العسل من الأطعمة التي وصفها الله تعالى بأن فيها شفاءً للناس من بعض الأمراض ، وذلك في قوله عز وجل : ( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ . ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/68-69.
وقد سبق في موقعنا جواب مفصل يشتمل على نقول عن أهل العلم حول العسل ، وأنه شفاء لبعض الأمراض ، وذكرنا هناك بعض الموانع التي قد تحول دون الشفاء بسبب شرب العسل ، يمكنكم مراجعة الأجوبة في الأرقام الآتية : (9691) ، (114167)، (20176)
ولم يرد في الأدلة من الكتاب والسنة تفصيل أكثر من هذا ، كما لم يرد شيء عن كمية العسل التي ينبغي تناولها أو مزجها في الدواء ، وليس هذا بالأمر المستغرب ؛ لأن الكتاب والسنة مصدر الهداية والنور نحو سعادة البشرية بعبادة رب العباد ، والتسليم لشرعه ، والانقياد لأمره ؛ ولم يردا بتفصيل الأدوية ومقاديرها وطرائق العلاج بها ، وإنما يشتملان على بعض الإشارات التي لا بد من الرجوع في تفاصيلها إلى أهل الخبرة من الأطباء وخبراء الدواء الذين يعتمدون في أدويتهم على الأبحاث العلمية والدراسات المعمقة المجربة ، خاصة وأن الأدوية قد لا تناسب كل مرض ، وقد لا تناسب كل إنسان ، ويؤثر فيها اختلاف البيئات أيضا ، ولا بد لمعرفة هذه التفاصيل من الاستعانة بأهل الخبرة من الأطباء والصيادلة والمختصين بالطب البديل .
يقول ابن القيم رحمه الله :
" هذا – يعني الأدوية الطبيعية - إنما نشير إليه إشارة ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بعث هاديا وداعيا إلى الله وإلى جنته ، ومعرفا بالله ، ومبينا للأمة مواقع رضاه وآمرا لهم بها ، ومواقع سخطه وناهيا لهم عنها ، ومخبرهم أخبار الأنبياء والرسل وأحوالهم مع أممهم ، وأخبار تخليق العالم ، وأمر المبدأ والمعاد ، وكيفية شقاوة النفوس وسعادتها ، وأسباب ذلك .
وأما طب الأبدان فجاء من تكميل شريعته ، ومقصودا لغيره ، بحيث إنما يستعمل عند الحاجة إليه ، فإذا قدر على الاستغناء عنه كان صرف الهمم والقوى إلى علاج القلوب والأرواح وحفظ صحتها ودفع أسقامها وحميتها مما يفسدها هو المقصود بالقصد الأول ، وإصلاح البدن بدون إصلاح القلب لا ينفع ، وفساد البدن مع إصلاح القلب مضرته يسيرة جدا ، وهي مضرة زائلة تعقبها المنفعة الدائمة التامة وبالله التوفيق " انتهى من " زاد المعاد " (4/23)
ويقول أيضا رحمه الله :
" الدواء يجب أن يكون له مقدار وكمية بحسب حال الداء ، إن قصر عنه لم يزله بالكلية ، وإن جاوزه أوهى القوى فأحدث ضررا آخر...واعتبار مقادير الأدوية وكيفياتها ومقدار قوة المرض من أكبر قواعد الطب " انتهى من " زاد المعاد " (4/30)
والحاصل أن ما سألت عنه من تفاصيل التداوي بعسل النحل إنما يرجع فيه إلى أهل الطب والخبرة بدائك ، وما يلائمه من الدواء .
والله أعلم .