ألاحظ في الآونة الأخيرة انتشار سماح الأهل لبناتهن بالخروج في نزهات مع بعضهن دون وجود من يرافقهن من الكبار ، مع الملاحظة أنه في بعض الأحيان تكون الفتيات ذوات خلق ، ولكن يعتبرن أن الخروج بهذا الشكل هو أمر عادي ! وأنا أرفض هذه العادة . أريد أن أعرف حكم هذا الأمر .
الحمد لله.
الأصل للمرأة القرار في البيت لقوله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) الأحزاب/33 ، وذلك لأن المرأة فطرت على اللين والنعومة وحب الزينة ، كما في قوله تعالى : ( أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) الزخرف/18 .
وهذا الأمر الفطري يكون باعثاً لأن تفتن الرجال حال خروجها، وأن يزين الشيطان لها ذلك .
ولهذا جاء في الحديث : ( إن المرأة عورة وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان فتقول : ما رآني أحد إلا أعجبته وأقرب ما تكون من وجه ربها و هي في قعر بيتها ) .
رواه الطبراني في المعجم الكبير (9481) ، وابن خزيمة (1685) 413 ، وصححه الألباني ، "السلسلة الصحيحة" (6/191) .
وقال بعض أهل العلم : " استشرفها الشيطان " أي استشرف الشيطان حزبه من أهل الفتنة والريبة " . " حجة الله البالغة" (2/966) ، أو نظر إليها ليغويها ويغوي بها ؛ لأن الأصل في الاستشراف رفع البصر للنظر إلى الشيء ، والمعنى أن المرأة يستقبح بروزها وظهورها، فإذا خرجت أمعن النظر إليها ليغويها بغيرها ويغوي غيرها بها ليوقعهما أو أحدهما في الفتنة " .
وانظر" تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي" (4/283) .
ولهذا كان البيت هو مثابة المرأة التي تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله تعالى، غير مشوهة ولا منحرفة ولا ملوثة ، ولا مكدودة في غير وظيفتها التي هيأها الله لها بالفطرة .
ولكن هذا لا يمنع خروج المرأة إن احتاجت لذلك مادام أن خروجها لا يكتنفه محذور شرعي لقول عائشة رضي الله عنها ، فإذا كانت هذه الأماكن خاصة بالنساء وخالية من المنكرات فلا بأس بذلك مادام أن الرفقة صالحة ، وهذا من المباح الذي أباحته الشريعة ، ولكن لا يكون ديدن للمرأة .
أما إذا كانت أماكن مشتملة على المنكرات أو يغشاها الرجال فلا تخرج الفتيات لوحدهن ؛ لما في ذلك من إغراء أصحاب النفوس الضعيفة بالتحرش بهن ومضايقتهن ، وهذا يعرضهن للفتن .
وقد سئلت اللجنة الدائمة :
" هل يحل لي أن أذهب إلى النزهة مع زوجي وأولادي في أماكن مثل الحدائق العامة والمتاحف والمعارض ، مع عدم الاختلاط أو تضييع الصلاة ، مع العلم بضرورة كشف وجهي في هذه الأماكن ، وهل يحل لنا اصطحاب أطفالنا إلى الشواطئ ( البلاجات ) للسباحة ، مع فساد هذه الأماكن وانتشار العري والإباحية فيها ، وبماذا نرد على من يقول : إننا نحرم التمتع بما خلق الله ، مع عدم قدرة الإنسان على غض بصره عن المحرمات في هذه الأماكن لكثرتها وانتشارها ؟.
فأجابت : " لا يجوز الإتيان إلى الأماكن التي انتشرت فيها المنكرات ، وفي المتع التي أحلها الله لنا غنية عما حرم سبحانه علينا " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (12/361) .
والله أعلم