خالعها بدون عوض ولا شهود ، فهل يصح الخلع ؟

23-03-2011

السؤال 165022

طلبت من زوجي المخالعة فقبل ذلك ، ولكن لم يكن هناك أي شهود ، وعندما أخبرته عن المهر قال لي أنه لا يريد أن أعطيه شيئاً ، فهل خلع هذه صفته صحيح ( أيّ دون إرجاع المهر له ودون حضور شهود) ؟

الجواب

الحمد لله.


إذا خالع الرجل امرأته بدون أن يأخذ منها شيئاً ، فالخلع لا يصح عند كثير من أهل العلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " اختلف العلماء في صحة الخلع بغير عوض ؟ على قولين : هما روايتان عن أحمد " أحدهما " كقول أبي حنيفة والشافعي وهي اختيار أكثر أصحابه – أي : لا يصح - ، " والثانية " يصح كالمشهور في مذهب مالك وهي اختيار الخرقي " انتهى من "مجموع فتاوى" (32/ 303) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : " أما الخلع ، فكما قالوا : لا بد أن يكون بعوض ؛ لأنه ركنه الذي ينبني عليه ، وإذا خلا منه ، فليس بخلع ، بل يكون طلاقاً رجعيًّا إذا نوى به الطلاق " انتهى من "الفتاوى السعدية" (362) .

وذهب بعض العلماء : إلى أن الخلع يصح ولو كان بغير عوض ، وهي رواية عن الإمام أحمد ، واختارها شيخ الإسلام رحمه الله .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ويصح الخلع بغير عوض ، وتقع به البينونة إما طلاقًا ، وإما فسخًا على إحدى القولين ، وهذا مذهب مالك المشهور عنه في رواية ابن القاسم ، وهو الرواية الأخرى عن الإمام أحمد ، اختارها الخرقي .
وهذا القول له مأخذان :
أحدهما : أن الرجعة حق للزوجين ، فإذا تراضيا على إسقاطها سقطت .
والثاني : أن ذلك فرقة بعوض ؛ لأنها رضيت بترك النفقة والسكن ورضي هو بترك استرجاعها . وكما أن له أن يجعل العوض إسقاط ما كان ثابتًا لها من الحقوق كالدين ، فله أن يجعله إسقاط ما ثبت لها بالطلاق ، كما لو خالفها على نفقة الولد . وهذا قول قوي وهو داخل في النفقة من غيره " انتهى من "المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (4/223) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله : (وإن خالعها بغير عوض أو بمحرم لم يصح ) لقوله تعالى : (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) البقرة : 229 ، فإذا خالعها على غير عوض فأين الفداء ؟! لا فداء ، وهذا هو المذهب .
وقال شيخ الإسلام : يصح أن يخالعها على غير عوض ، وعلل ذلك بأمرين :
أحدهما : أن العوض حق للزوج ، فإذا أسقطه باختياره فلا حرج ، كغيره من الحقوق ، فكما أنها لو خالعته على ألف ريال وتم الخلع ثم أبرأها منه ، فلا حرج ، فكذلك إذا اتفقا من أول الأمر على أنه لا عوض .
الثاني : أنه إذا خالعها فإنه يخالعها على عوض ؛ لأنها تسقط حقها من الإنفاق ؛ لأنه لو كان الطلاق رجعياً لكانت النفقة مدة العدة على الزوج ، فإذا خالعته فلا نفقة عليه ، فكأنها بذلت له عوضاً ، فهي قد أسقطت الحق الذي لها من النفقة على الزوج ، وهو قد أسقط الحق الذي له من الرجعة ، فالرجعة حق للزوج ، والنفقة مدة العدة حق للزوجة ، فإذا رضيا بإسقاطهما في الخلع فلا مانع .
ويجيب عن الاستدلال بالآية بأن الغالب أن الزوج لا يفارق زوجته إلا بعوض ، ولهذا قال الله عزّ وجل : (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) ، وما قاله الشيخ رحمه الله جيد ؛ لأنه في الحقيقة خلع على عوض ، وهو إسقاط النفقة عنه " انتهى من "الشرح الممتع" (12/476) .

فالحاصل : أن الخلع بدون عوض مختلف في صحته ، والأحوط للمرأة في هذه الحال أن تفتدي من زوجها بمقابل ؛ خروجاً من الخلاف ، ولتخرج من عصمة النكاح بيقين .

ولا يشترط في العوض أن يكون هو المهر الذي دفعه الزوج ، فلو دفعت المرأة لزوجها شيئاً يسيرا من المال مقابل أن يفارقها ، أو تنازلت عن مؤخر صداقها ، صح الخلع .

أما الإشهاد على الخلع ، فليس واجباً ، فلو خالع الرجل امرأته بدون حضور أحد ، فالخلع صحيح ، وينظر : المجموع (9/195) ، والإنصاف (9/112) .

والله أعلم

الخلع
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب