أسكن مع أم زوجي وأخواته منذ سنوات طويلة، ففي البداية لم أكن أعرف أني سأسكن معهن لكن رضيت بهذا الأمر مكرهة ، وصبرت سنوات طويلة أخدم أم زوجي وبناتها من غير ما أطلب منهن مساعدة ، وأسعى دائما لإرضاء الجميع رغم عدم تفاهمي مع اخواتهأخواته .
في البداية زوجي يحب والدته كثيراً ويسعى لإرضائها عن طريق سكنه معها وخدمتي لها رغم ضيق السكن وكثرة أولادي ، فأنا الآن أنام مع الصغار في غرفة وزوجي بالصالون وبقية أولادي بغرفة أخرى ، الولد مع البنت ، والحماة وبناتها كل واحدة منهن بغرفتها .
أنا ما عندي حياة خاصة ولا حاسة أني متزوجة ومسئولة عن زوج و أولاد ، وزوجي لا يريد الابتعاد عن والدته حتى وإن كان السكن قريباً منها ، وحتى إن كان على حساب حياتي معه ، وسبب تشاجري مع زوجي دائما هو رفضي لهذا الوضع وطلبي لسكن خاص بي وبأولادي حتى صار فيه برود في العلاقة بيني وبينه ، وصرت أفكر في الطلاق إذ أنوي أن أخبر والدي بمعاناتي حتى يتدخل في حل الموضوع ، لكني مترددة بسبب الأولاد وبسبب أن حماتي من أقاربنا ، أنا صار عندي أمراض نفسية و عضوية بسبب الضغط الذي أعيشه ، ولا أدري ماذا أفعل ؟ وزوجي غير مهتم بأمري ولا يعوضني عن الحرمان الذي أعيش فيه ولو بكلمة طيبة تصبرني .
المهم عنده أني أرضي والدته واهتم بها رغم أنه إنسان متدين وقلبه معلق بها أنا أريد أن أعرف حكم الدين في حالتي هذه ، وهل أدخل والدي طرفا في مشكلتي رغم أنه عصبي ؟ وهل إن تمسكت بطلب مسكن خاص بي قرب سكن والدته أدفع زوجي لعقوقها ؟ مع العلم أني صبرت كثيراً على هذا الوضع حتى فاض كأسي ، لقد سرقت مني حماتي شبابي وصحتي وشاركتني في حياتي مع زوجي وأولادي .
وبارك الله في علمكم .
الحمد لله.
إسكان الزوجة في المسكن المناسب لحالها وحال زوجها : هو من حقوق الزوجة على زوجها ؛
قال تعالى : ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا
تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) . سورة الطلاق/6 .
وليس للزوج أن يسكنها في مسكن مشترك مع أهله ، سواء كانت والدته ، أو أخواته ، أو
غير ذلك من أقربائه ، ولا أن يسكنها في مسكن واحد مع ضرة لها ؛ بل الواجب أن يكون
مسكنها مستقلا بها عن غيرها ، بحيث يحوي المكان المناسب لإقامتها ونومها ، ومرافقه
الأساسية : المطبخ والحمام ، ونحو ذلك .
ومن المعلوم والمشاهد أيضا ما يترتب على المسكن المشترك من ضياع الخصوصية والسكن
والهدوء في البيت ، وما على الزوجين ـ- معا ـ- من الضرر الشديد ، ونقص تمتع كل
منهما بصاحبه ، وسكنه إليه ، الأمر الذي يضعف المودة بينهما ، أو يذهبها تماما ،
ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فعلى الزوج أن يغلب المقاصد الشرعية ، وحكم العقل ، على مجرد العاطفة الجياشة نحو
أبويه ، ورغبته في العيش معهما .
فإذا استقل بزوجته في مسكن قريب ، أمكن له أن يقضي ما شاء من الأوقات مع والدته
وأقربائه ، مع الحفاظ على زوجته وحياته الأسرية ، فيجمع بين المصالح كلها ، أو ما
أمكن منها .
وينظر جواب السؤال رقم (7653)
ورقم (85162) .
وليعلم أيضا أن خدمة الزوجة لحماتها ، أم زوجها ، أو حماها ، ليس واجبا عليها ؛ بل
إنما يجب عليها خدمة زوجها وحده .
لكن إذا تطوعت هي بخدمتهما ، أو خدمة أحدهما ، إحسانا لزوجها ، وإكراما له : فهو
خير وفضل منها ، ينبغي حفظه لها جميلا ومعروفا ، وشكرها عليه ؛ فإنه لا يشكر الله
من لا يشكر الناس .
ويراجع جواب السؤال رقم (120282)
.
والذي ننصحك أن تتريثي في هذا الأمر ،
وتحاولي أن تتفاهمي فيه مع زوجك بهدوء وسكينة ، وتبيني له الحكم الشرعي في ذلك ،
ولا بأس بأن تطلعيه على الفتاوى التي أحلناك عليها ، ما دام متدينا كما تقولين .
فإن لم تستطيعي إقناعه وحدك : فلا حرج عليك في أن توسطي أهلك في حل هذه المشكلة ،
ما دمت قد عجزت عنها وحدك ، على أن توصيهم ـ- هم أيضا ـ- بمعالجة الأمر بحكمة وأناة
ورفق ، فما جعل الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه .
ولا يلزم أن يكون والدك هو الذي يتدخل في هذا ؛ بل تخيري من أهلك أكثرهم حكمة ،
وأرجحهم عقلا ، وأقربهم إلى حسن التفاهم مع زوجك .
وأما طلب الطلاق ، فلا ينبغي لك أن تفكري فيه ، خاصة مع وجود أولاد بينكما ، إلا
إذا استحكم الأمر بينكما ، وعجزت عن الصبر على ما أنت فيه ، وهو ما نرجوه لك ، إن
شاء الله .
نسأل الله أن ييسر لك أمرك ، ويصلح لك زوجك ، ويجمع بينكما في خير .
والله الموفق .