عرض علي رجل ، العمل معه كموزع للمنتجات الطبية على أن يعطيني نسبة معينة من الأرباح تعتمد على نسبة البيع ، مثلا لكل درزن واحد 5 دولارات ، على أن أوزع هذه المواد لمحافظات بعيدة ، فأرسل لي صاحب العمل قائمة بأسعار المواد ، ووضحت له مسبقا أن الأشخاص الذين سيشاركون في عملية التوزيع سيرفعون من أسعار المواد بخلاف الأسعار التي وضعها هو ، وقال : الأمر راجع لهم طبعا ، وبالتالي هل يجوز حصول الآتي : أن أقوم أنا كموزع ، " وتحت يدي مجموعة أخرى من الموزعين " ، بتغيير الأسعار في حالتين : في حال علم صاحب العمل ، وفي حال عدم علمه ؟ وبالتسليم فإن الأشخاص الذين تحت يدي سوف يقومون برفع أسعار القوائم أيضا ً بما يناسبهم ، بعد تحملهم مسؤولية النقل وإيصال البضاعة إلى طالبيها ؛ لأن الاتفاق مع صاحب العمل بإعطاء نسبة لي وحدي بغض النظر عمن هو تحت يدي من الموزعين الفرعيين ، والحالة الأخرى ، " إن لم يكن جائزا ً لي أن أغير الأسعار" ، فبالتالي هل يجوز لمن تحت يدي أن يغير في قائمة الأسعار ؛ لكي يصبح هذا العمل ذا فائدة له ؛ لأن ليس له أتفاق و لا تنسيق مع صاحب العمل الأصلي . وبالتالي فالحالة العامة تكون كالآتي : صاحب العمل يجهزني بقوائم أسعار معينة ، أقوم أنا بتغييرها ، ثم أرسلها لمن تحت يدي فيقوم بتغييرها بما يناسبه ، ثم يوزع القوائم على المستهلكين ، فإن طلب المستهلك كمية من المواد يقوم بإرسال الطلبية لي ، وأنا ابلغ صاحب العمل ، فيجهزني بالطلبية ، لحين يتم إيصالها إلى المجهز الفرعي الذي بدوره سيوصلها إلى المستهلك الذي بدوره يقوم بتسليم السعر المتفق عليه ، فيقوم من هو تحت يدي بإرسال المبلغ بعد أن يقتطع نسبته ، وأقوم أنا باقتطاع نسبتي المتفق عليها 5$ لكل درزن مع النسبة التي أنا وضعتها في القوائم بعد التعديل ، ثم يتم إيصال المبلغ الذي تم الاتفاق عليه مع صاحب العمل الأصلي ؟ وفي حال حصول خلاف شرعي في هذا فما الواجب عمله للتخلص من هذه المشكلة ؟ وهل يدخل في هذه العملية ، حالة بيع مال ليس يملك ؟ أو حالة كوني مؤتمن لا أستطيع تغيير شيء حتى ولو كان بعلم صاحب العمل ؟ وللعلم فعملي سيكون هو التنسيق في عملية تجهيز و إرسال المواد إلى المحافظات حيث يستلمها الموزع الفرعي ، وللاطلاع أيضا ً فالمواد تجهز للمستهلك بأسعار توازي تقريبا أسعار ما هو موجود في الأسواق ،سددونا جزاكم الله خيرا .
الحمد لله.
أولا :
لا حرج في المعاملة المذكورة ، وهي من قبيل السمسرة الجائزة ، بشرط أن يأذن صاحب السلعة في الزيادة في الثمن ، وأن تباع السلعة بمثل سعرها في السوق ، منعا للإضرار بالمشترين .
وإنما يشترط إذن صاحب السلعة في الزيادة في الثمن ؛ لأن السمسار مؤتمن ، وما يربحه يرجع إلى موكله ، فليس له أن يأخذ الزيادة بغير إذن .
ولا يشترط أن يعلم صاحب السعر بقدر الزيادة ، فله أن يقول : بعها بعشرة ، وما زاد فهو لك .
وقول المالك : بع هذا بكذا وما زاد فهو لك ، مما رخص فيه جماعة من أهل العلم كما هو مذهب أحمد وإسحاق رحمهما ، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه ، وجعلوا ذلك شبيها بالمضاربة .
قال البخاري رحمه الله في صحيحه : " بَاب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ . وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا قَالَ : بِعْهُ بِكَذَا فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ لَكَ أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ " انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني (5/86) : " إذا قال : بع هذا الثوب بعشرة , فما زاد عليها فهو لك ، صح , واستحق الزيادة ، وقال الشافعي لا يصح ، ولنا , أن ابن عباس كان لا يرى بذلك بأسا , ولأنه يتصرف في ماله بإذنه , فصح شرط الربح له في الثاني , كالمضارب والعامل في المساقاة " انتهى .
ثانيا :
ليس هذا من بيع الإنسان ما لا يملك ، لأن عملك وعمل من معك هو الدلالة على السلعة ، وبيعها نيابة عن صاحبها الذي يملكها ، مقابل العمولة المسئول عنها .
فأنت لا تبيع سلعة اشتريتها ولم تقبضها ، ولا تبيع لحسابك ، وإنما تبيع سلعة مملوكة لغيرك على سبيل الوكالة ، فالسمسار والدلال وكيل بأجرة وليس مشتريا من المالك .
والله أعلم .