الحمد لله.
أولاً:
عقود المناقصات مباحة في الأصل ، فإذا كانت المناقصة لتوريد بضاعة محرَّمة أو إنشاء
مبنى تقام فيه المعاصي وتفعل فيه المنكرات حرم الدخول في التنافس عليها ، وأما
التنافس للحصول على عقد على مباح شراء أو إنشاء : فيجوز المشاركة للتنافس عليه ،
وقد صدر من " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار رقم 107 (
1 / 12 ) بعنوان " عقود التوريد والمناقصات " يجيز فيه عقود المناقصات ويجعل حكمها
كالمزايدة ، ومما جاء فيه :
" عقد المناقصات :
أولاً : المناقصة : طلب الوصول إلى أرخص عطاء ، لشراء سلعة أو خدمة ، تقدم فيها
الجهة الطالبة لها الدعوة للراغبين إلى تقديم عطاءاتهم وفق شروط ومواصفات محددة .
ثانياً : المناقصة جائزة شرعاً ، وهي كالمزايدة ، فتطبق عليها أحكامها ، سواء أكانت
مناقصة عامة أم محددة ، داخلية أم خارجية ، علنية أم سرية ، وقد صدر بشأن المزايدة
قرار المجمع رقم 73 ( 8 / 4 ) في دورته الثامنة .
ثالثاً : يجوز قصر الاشتراك في المناقصة على المصنَّفين رسميّاً ، أو المرخص لهم
حكوميّاً ، ويجب أن يكون هذا التصنيف أو الترخيص قائماً على أسس موضوعية عادلة "
انتهى من مجلة المجمع ( العدد 12 ، ج 2 ، ص 391 ) .
ثانياً:
ما فعلتَه أنت ومديرك حرام لا شك ولا ريب ، وهو داخل في " الغش " المحرَّم وفي "
تضييع الأمانة " التي ائتمنك عليها أصحاب العمل ؛ فأنت بفعلك هذا قد عطَّلتَ فائدة
" المناقصة " ولم تقم بها على وجهها الصحيح ، مع وقوعك في " التزوير " وذلك بوضع
سعر من عندك لشركتين لم تدخلهما في المنافسة الحقيقية ، فأوقعتما " الضرر " على
شركات أخرى كان يمكن أن تفوز بالمناقصة فصار فيه " أكل مال بالباطل " ، فيتبين لك
بما سبق أن ما فعلته أنت ومديرك محرمات يقينية ، وصار الكسب الناتج من تلك الصفقة
محرَّم لا يحل لكما الانتفاع بقرش واحد منه .
ولا ندري كيف تقوم باستخارة على عمل محرَّم ، ولا نظن تحريم ذلك مما يخفى عليك ؛
وإلا فأسأل نفسك : هل تحب أن يطلع الناس ، وأصحاب الشركة ، على ما فعلت أنت
وصاحبك؟!!
وأنت أعلم الناس بحكم عملك وخبرتك أن المناقصات تقوم على التنافس الشريف ، وأن من
مصلحة صاحب العمل الحصول على عروض مختلفة لشركات مختلفة بأسعار متفاوتة ليختار
الأنسب له ، وأنت لم تقم بعملك الذي تستحق عليه الراتب الشهري ، وصاحب العمل خُدع
بالمال الذي دفعه ثمناً لتلك المشتريات ، فالسعر المقدم ليس تنافسيّاً وأنت كنتَ
السبب في ذلك ، فنرى أن الاستخارة لفعل أمر غير جائز تحتاج لتوبة واستغفار منه ؛
فلم تشرع الاستخارة لمثل هذا ، وما وجدته من راحة لا يلتفت إليه لأنه من الهوى الذي
قادك – ومديرك – للفعل المحرَّم ذاك .
وانظر جواب السؤال رقم ( 137124 )
.
ثالثاً:
أما ما يجب عليكما فعله في هذا المال فمن قواعد أحكام المال الحرام : أنه لا يدخل
في ملك المسلم ، وأنه يجب إرجاعه إلى أصحابه ، ولكن ما هو مقدار المال المحرَّم
الذي يلزمكم إرجاعه لأصحابه ؟ الذي نراه : أن مقداره هو ما زاد عن السعر الأقل فيما
لو حصلت منافسة شريفة بين الشركات للحصول على تلك المناقصة ، ويرجع تحديد ذلك
بسؤالك هاتين الشركتين وشركة أخرى ثالثة عن سعرهم ، لو شاركوا حقيقة في تلك
المناقصة ، فما كان الأقل من ذلك ، فهو السعر المعتمد ، وما زاد فليس لكما الحق فيه
؛ بل هو من مال تلك المنظمة .
لذا فعليكما مع التوبة إلى الله أن ترجعا ذلك المال المحرَّم عليكما تملكه إلى تلك
المنظمة التي تعملون فيها بأي طريقة كانت ، من غير أن يرجع عليكم ذلك بالضرر ، فإن
لم تتمكنوا من ذلك فأنفقوا ذلك المال على مكان العمل ، كأن تشتروا به منظفات وأوراق
وأحبار وغيرها مما يصرف لكم من أصحاب العمل . فإن لم يمكن ذلك : فاصرفوه في المصارف
التي تضع فيها هذه المنظمة معوناتها ، وإلا فتصدقوا بها عن أصحابها الذي خدعتموهم ،
وأكلتم أموالهم .
ثالثاً:
ما قمتَ به أنت والمدير من صرف المال الزائد عن إنفاقه على مستحقيه من تلك المنح :
مالٌ محرَّم ، يلزمكما التوبة من أخذه ، ويلزمكما إخراجه من ملككما وإنفاقه في
الجهات التي يُصرف فيها مال المنح أصلاً ، فشراؤكم للشاي والقهوة والمنظفات وخروجكم
في رحلات ليس هذا من المصارف المعتمدة لإنفاق مال المنح عليه ، وكون بعض المال قد
زاد في أيديكم لا يبيح لكم إنفاقه عليكم ، بل كان الواجب عليكم صرفه في الجهات
المستحقة له ، أو رده إلى المنظمة ، لتتصرف فيه حسب نظامها .
ونرجو الله أن يوفقكما لتوبة صادقة ولإخراج ما دخل في ذمتكما من مال محرَّم برده
إلى أصحابه ، وإعطائه لمستحقيه .