الحمد لله.
التعامل بالربا محرم تحريما شديدا ، وهو من كبائر الذنوب ، وفاعله متوعد باللعن وهو
الطرد من رحمة الله ، ولا فرق في ذلك بين المؤمن والكافر ؛ إذ الكفار مخاطبون بفروع
الشريعة على الراجح ، فيحرم عليهم ما يحرم على المسلمين ، ويعذبون ويعاقبون عليه إن
فعلوا إضافة إلى عذاب الكفر والشرك .
قال النووي رحمه الله : " والمذهب الصحيح الذي عليه المحققون والأكثرون : أن الكفار
مخاطبون بفروع الشرع ، فيحرم عليهم الحرير ، كما يحرم على المسلمين " انتهى من "شرح
مسلم" ( 14 / 39 ) .
والدليل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة قوله تعالى : (مَا سَلَكَكُمْ فِي
سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ
الْمِسْكِينَ) (المدثر:42-44).
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا
يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) (الفرقان:68،69).
" فالآية نص في مضاعفة عذاب من جمع بين الكفر والقتل والزنا ، لا كمن جمع بين الكفر
والأكل والشرب " المستصفى للغزالي ، ص 74
" وكذلك ذم الله تعالى قوم شعيب بالكفر ونقص المكيال ، وذم قوم لوط بالكفر وإتيان
الذكور ... وقد ذهب إلى هذا القول الشافعية والحنابلة في الصحيح ، وهو مقتضى قول
مالك وأكثر أصحابه ، وهو قول المشايخ العراقيين من الحنفية " الموسوعة الفقهية (35/
20).
وهذا كله ، فضلا عن أن هذا
محرم عليهم في أصل شريعتهم أيضا ، وقد كان سببا في لعنهم وغضب الله عليهم ؛ كما قال
تعالى : ( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ
أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ
الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ
وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) النساء/160-161
وعليه : فلا يجوز أن توجه أختك ، أو تعينها ، أو تطلب منها ، أو تقرها على الاقتراض
بالربا ؛ وتأثم أنت بذلك ؛ لأنك تكون معينا لها على فعل ما يحرم عليها ، وقد قال
تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى
الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
المائدة/2 .
لكن لو كانت قد اقترضت من غير توجيه منك ، أو مع رفضك وإنكارك ، أو قبل علمك بتحريم
دلالتها على القرض ، جاز أن تقترض منها قرضا حسنا - بلا فائدة - لأنها بالقرض
الربوي تملك المال ، ويجوز لها التصرف فيه ، مع إثمها بالتعامل الربوي .
والله أعلم .