تاب من جرائمه وسيحكم عليه بالسجن لو أقر بها فهل ينفيها ؟
إذا قام شخص بارتكاب جرائم عندما لم يكن متدينا في بلد غير مسلم ، وهو الآن قد تاب ، وهناك قضية ستنظر في الجرائم السابقة التي ارتكبها ، وقد أخبر محاميه أنه يرغب في الاعتراف ، لكن محاميه نصحه أن ينكر الجرائم ، لأنه إن اعترف فإنه سيواجه عقوبة السجن ، بينما أنه إن لم يعترف ، وأنكر التهم الموجهة إليه فإن أمامه فرصة في أن ينجو من السجن ؛ فهل يجوز له أن يدعي بأنه غير مذنب ، بينما هو في الحقيقة مذنب ، ومرتكب لهذه الجرائم ؟ وما هو أفضل ما يمكن فعله في هذا الموقف؟ برجاء إسداء النصح .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
المعاصي منها ما يتعلق بحق الله تعالى ، ومنها ما يتعلق بحق المخلوق ، فالأول كشرب
الخمر والمخدرات ، وهذه تكفي فيها التوبة فيما بين العبد وربه ، فإن رُفع أمره إلى
المحكمة ، وعلم أنه سيحكم عليه بالسجن ، مع توبته وإقلاعه ، فله أن ينفي ذلك ليتخلص
من العقوبة التي لا يستحقها شرعا .
وإن كانت المعصية تتعلق بحق المخلوق ، كالقتل والسرقة ، فيشترط في التوبة منها : رد
المظالم إلى أهلها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ
مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ
وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ
لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ )
، رواه البخاري (6534) .
فيلزم في القتل العمد تسليم نفسه لأولياء المقتول ، ولهم الخيار في أخذ القصاص أو
الدية .
وفي القتل الخطأ يلزمه دفع الدية ، إلا أن يعفو أولياء المقتول عنها أو عن بعضها .
وفي السرقة يلزمه رد المال المسروق إلى أهله .
وقد تكون الجريمة سبا وضربا ونحو هذا ، وهذه عقوبتها الشرعية : القصاص ، أو التعزير
بالحبس .
وإذا تاب الإنسان من هذه الجرائم ، وعلم أن المحكمة ستقضي عليه بعقوبة غير شرعية ،
فإن رد الحق إلى أهله ، أو أرضاهم وتصالح معهم ، فله أن ينفي الجريمة ليتخلص من
العقوبة التي لا يستحقها شرعا .
ومعرفة كون العقوبة يستحقها شرعا أو لا ، أمر لا يحكم فيه إلا أهل العلم ، بعد
الوقوف على نوع الجناية والعقوبة الموضوعة لها ، لا سيما في الأمور المعنوية ،
كالسب والتشهير ونحوه .
ولهذا يلزم السائل أو صاحب القضية أن يبين جرمه ، وهل تاب منه قبل رفعه للمحكمة أو
بعد رفعه ، والعقوبة التي سيحكم بها عليه في حال إقراره .
وينظر للفائدة : سؤال رقم (7545) .
والله أعلم .