الحمد لله.
ولا شك أن حرصك على عمارة هذا البيت من بيوت الله أمر عظيم ، وقربة جليلة أثنى الله على فاعلها ، فقال : (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) التوبة/18 ؛ فاحرص على دوام ذلك ، واحرص على أن يظل هذا المسجد معمورا دائما ؛ مع مراعاة استدامة نصح الجماعة المسلمة التي معك في هذا البلد ليقوموا بما يجب عليهم من الصلاة في المسجد ، وذلك ببيان أن صلاة الجماعة واجبة ، وأن تأدية الصلاة في المساجد عنوان الإيمان ، والتخلف عنها عنوان النفاق .
وعسى أن يكتب لك أجر الجماعة
ولو صليت منفردا ؛ لأنك اتقيت الله ما استطعت وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر
وناديت بالصلاة ثم صليت ، وقد روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ
مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ
أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا
مَعَكُمْ ) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : ( وَهُمْ
بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ ) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" من نوى الخير وعمل منه مقدوره وعجز عن إكماله كان له أجر عامل " انتهى من "مجموع
الفتاوى" (22 /243) .
والحاصل :
أن عمارتك لهذا المسجد أمر طيب مشروع ، واجتهد أن تدعو من معك لمشاركتك في ذلك ؛
فإن أجاب أحد وأقام صلاة الجماعة فيه معك : فاستمروا في ذلك ، ولو كان عددكم قليلا
، ولا تعطلوا المسجد من الشعائر .
والله تعالى أعلم .