أنا شاب متزوج من 5 سنوات ، وقبل زواجي بسنين ذهبت للعمرة مع أبي وأمي ، وبعدما اعتمرنا نوينا أن نحرم ونعتمر عن أهلنا المتوفين ، فقررت أن أعتمر عن جدي رحمه الله ، ولكن أثناء السعي أصابني إعياء شديد حيث كان شهر رمضان ، ومن شدة العطش لم أستطع إكمال العمرة ، ورجعت لبلدي ولم أكن أحسب أنه علي شيء ، وبعد سنين تزوجت وبعد مرور 5 سنوات على زواجي ، سمعت بحكم أنه من لم يكمل عمرته لا تحل له زوجته ، أفيدوني جزاكم الله خيرًا ، حيث إنني قررت أن أعود لأعوض عن عمرتي بعد شهر لانشغالي بالعمل حاليا .
الحمد لله.
أولاً:
من اعتمر ولم يأت بالسعي ، أو لم يكمله : فهو باق على إحرامه ، ويلزمه أن يعود فيسعى ويقصر من شعره ؛ لأن السعي ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (25/14) : " ذهب الجمهور إلى أن السعي ركن في الحج أو العمرة , قالوا : إن القدر الذي لا يتحقق السعي بدونه : سبعة أشواط يقطعها بين الصفا والمروة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولإجماع الأمة سلفاً فخلفاً على السعي كذلك .." انتهى.
قال النووي رحمه الله: " ولو سعى ثم تيقن أنه ترك شيئاً من الطواف لم يصح سعيه.." انتهى من "شرح المهذب" (8/98)
ثانياً:
إذا كان الأمر عل ما ذكرته ، فإن عمرتك لم تتم ، ويلزمك أن تخلع ثيابك ، وتلبس ثياب الإحرام ، ثم تأتي بالسعي من أوله ، ولا تعتد بالسعي السابق ؛ لوجود الفاصل المخل بالموالاة .
جاء في "كشاف القناع" (2/487): " وتشترط للسعي النية؛ لحديث ( إنما الأعمال بالنيات ) والموالاة قياساً على الطواف قاله القاضي " انتهى . وينظر : "الشرح الممتع" (7/275) .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل أدى عمرة ، ولكن سعيه ناقص شوطاً فماذا يلزمه؟
فأجاب : " هذا الرجل لا يزال على إحرامه ، يجب أن يخلع ثيابه ويتجنب محظورات الإحرام ، ويلبس ثياب الإحرام من بلده الذي هو فيها فوراً ، ويذهب إلى مكة ويسعى من جديد؛ لأنه إلى الآن في عمرته " انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/436).
ثالثاً:
ما وقع في السائل من محظورات الإحرام خلال هذه المدة، فلا شيء عليه للجهل، ولا فرق بين الجماع وغيره من المحظورات، لكن متى ما علم الحكم الشرعي ، حَرُم عليه الوقوع في محظورات الإحرام؛ لتلبسه بالإحرام.
وللاستزادة في محظورات الإحرام ينظر جواب سؤال رقم (11356) وينظر أيضا جواب السؤال رقم (104178) .
رابعاً:
يجب تجديد عقد النكاح بعد إتمام العمرة؛ لوقوعها حال الإحرام وعقد النكاح لا ينعقد حال الإحرام.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (21/217): " ذهب الجمهور وهم المالكية والشافعية والحنابلة في المذهب إلى أن نكاح المحرم لا يصح سواء كان زوجا أو زوجة أو ولياً عقد النكاح لمن يليه أو وكيلاً عقد النكاح لموكله وبه قال عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والزهري والأوزاعي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ) ، وفي رواية: (لا يتزوج المحرم ولا يزوج ) ، ولما روي عن علي رضي الله عنه : " من تزوج وهو محرم نزعنا منه امرأته " ، وعن عمر رضي الله عنه : " أنه فرق بين محرمين تزوجا " ولما روي عن شَوْذَبٍ مولى زيد بن ثابت رضي الله عنهما ( أنه تزوج وهو محرم ففرق زيد بن ثابت بينهما ) انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن من لم يكمل طوافه بالبيت أو السعي
فأجاب:
أولاً: أنهم آثمون، إلا أن يكونوا جاهلين فلا إثم عليهم.
ثانياً: أنهم لا يزالون في إحرامهم حتى ولو خلعوا ملابس الإحرام ولبسوا الثياب العادية، فهم لا يزالون في إحرام، فيجب على الرجل أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام.
ثالثاً: أنه يلزمهم الآن أن يرجعوا إلى مكة ليتموا عمرتهم، فإذا كانوا طافوا، ولكن لم يسعوا، نقول: بقي عليكم السعي، وإن كانوا طافوا بعض الأشواط ثم خرجوا، نقول: أعيدوا الطواف من أوله، وإذا كانوا سعوا بعض الأشواط، فنقول: ارجعوا فابدؤوا السعي من أوله.
.. وإذا كان قد تزوج فإن عقد النكاح غير صحيح؛ لأنه ما زال محرماً، والمحرم لا يصح عقد النكاح له، فإذا قدر أنه عقد قلنا: أمسك، لا تأتي أهلك حتى تذهب وتكمل العمرة، ثم أعد العقد من جديد " انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/459) .
وينظر جواب السؤال رقم (140351) .
والله أعلم