الحمد لله.
وعليه : فلا حرج عليكم في
ممارستها إذا أمِنتم على نفسكم من الرجوع والحنين إلى سابق عهدها ، ونستحب لكم أن
تفعلوها مجردة عن تذكُّر صوت إيقاعها وتعويد أنفسكم على ذلك شيئاً فشيئاً حتى يزول
أثرها كليّاً ، وهذا من تمام معنى الاجتناب في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ )
رواه البخاري ( 6858 ) ومسلم ( 1337 ) .
فيجب ترك المعصية ، وترك ما يذكر العبد بها ، أو يرده إليها .
وننصحكم بمواصلة الطموح إلى
المعالي والرقي إلى العلياء والصعود نحو القمم ، فالأمة بحاجة إلى من ينهض بها ،
وينفض عنها غبار الوسن مع احتساب الأجر واستحضار النية ومثابرة المسير والاستعانة
بالله والاعتماد عليه ، فما خاب من سعى وجد ولا نكص من اجتهد ، قال تعالى : (
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت/ 69 .
قال المتنبي :
وإذا كانت النفوس كباراً ** تعبت في مرادها الأجسام
وقال :
ولم أرَ في عيوب الناس عيباً ** كنقص القادرين على التمام
ثالثاً:
أما جواب السؤال الثاني :
فأدلة تحريم الغناء كثيرة والكلام في الموقع عن هذه المسألة كثير ومنثور ، انظروا
جواب السؤال رقم ( 5000
) ، وجواب السؤال رقم (
122790 ) ففيه
بعض جوابات على المعترضين .
وأما كلام ابن مسعود فهو من أكبر أدلة المحرمين ، وهذا التفسير نفسه يُذكر عن ابن
عباس وابن عمر ، فلا ندري كيف يُجعل في صف المبيحين .
والأصل في طالب العلم أن
يستمسك بكلام السلف ما استطاع إلى ذلك سبيلا فكيف إذا كان هذا السلف هم من القرن
الأول الذين نص النبي صلى الله عليه وسلم على فضلهم وخيريتهم ؟! وكيف إذا كانت
أدلتهم أقوى وأكثر وأوضح وأظهر ؟! .
فحرمة الغناء منقولة عن الصحابة والأئمة الأربعة ، وحكى بعضهم الإجماع فيها ،
والمخالفون فيها قليل - كابن حزم الظاهري والغزالي والشوكاني وغيرهم - ، ونحن لا
نشك في نيتهم قصد الصواب لكننا نرى أنهم خالفوا الصواب وترجح لديهم مرجوح القول .
وينبغي أن يُعلم أن القائلين بجواز الغناء متفقون ومجمعون على حرمته إذا اشتمل على
اختلاط أو مُجون أو كلام فاحش كما هو حال الغناء اليوم .
وأما الغزالي رحمه الله فإنه لم يُجز سماع الغناء مطلقا حيث قال في كتابه " إحياء
علوم الدين " – ( 3 / 272 ) - بعد تجويزه للغناء المجرد أو الذي يكون مصاحبا للدف
أو القضيب : " ولا يستثنى من هذه إلا الملاهي والأوتار والمزامير التي ورد الشرع
بالمنع منها ، لا للذتها ؛ إذ لو كان للذة لقيس عليها كل ما يلتذ به الإنسان ، ولكن
حرمت الخمور واقتضت ضراوة الناس بها المبالغة في الفطام عنها ، حتى انتهى الأمر في
الابتداء إلى كسر الدنان ، فحرم معها ما هو شعار أهل الشرب ، وهي الأوتار والمزامير
فقط ، وكان تحريمها من قِبَل الاتباع ، كما حرمت الخلوة بالأجنبية لأنها مقدمة
الجماع ، وحرم النظر إلى الفخذ لاتصاله بالسوأتين ، وحرم قليل الخمر وإن كان لا
يسكر ، لأنه يدعو إلى السكر ، وما من حرام إلا وله حريم يُطِيف به ، وحكم الحرمة
ينسحب على حريمه ، ليكون حمى للحرام ووقاية له ، وحظارا مانعا حوله ، كما قال صلى
الله عليه و سلم : ( إن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه ) " انتهى .
وقال في " الوسيط " – ( 7 / 350 ) - : " المعازف والأوتار حرام ، لأنها تشوق إلى
الشرب ، وهو شعار الشَّرب [ أي: القوم الذين يشربون الخمر ] ؛ فحرم التشبه بهم ،
وأما الدف ـ إن لم يكن فيه جلاجل ـ فهو حلال ، ضرب في بيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم " انتهى .
وقد نقض أدلة المُجيزين
جماعة من العلماء والباحثين وطلبة العلم ، ونحيلكم إلى هذا المقال فهو مقال تفصيلي
لأدلتهم وما استندوا إليها ونقضها .
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=217996
والله أعلم .